الآثار الخطيرة لاقتصاد الظل لا يمكن حصرها، غير أن نتائج الدراسات المتخصصة كشفت أن التستر التجاري يتسبب في إفشال سياسات الاستقرار الاقتصادي.
لا توجد جهة حكومية واحدة تعادل وزارة التجارة والصناعة في مسؤوليتها عن عدد الأنظمة المحلية والمعاهدات الإقليمية والاتفاقات الدولية، التي بلغت 42 نظاما ولائحة تنفيذية و10 معاهدات إقليمية و28 اتفاقية عالمية و7 مذكرات تفاهم دولية، إضافة إلى مراقبة آلاف الالتزامات التي تعهدت بها 152 دولة في منظمة التجارة العالمية.
كما لا يوجد جهاز حكومي واحد ينافس وزارة التجارة والصناعة على مرتبتها الأولى في مراقبة آلاف الأسواق التجارية و5000 مصنع وطني وحماية 28 مليون مستهلك لأكثر من 8000 سلعة زراعية وصناعية و155 نشاطا خدميا تتنافس جميعها على كسب حصة الأسد من القوة الشرائية الكبرى التي نتمتع بها.
نظام مكافحة التستر، الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/22 وتاريخ 4/ 5/ 1425، يعتبر أحد أهم الأنظمة المحلية التي تؤثر على طبيعة المجتمع المحلي وتتفاعل مع اتجاه وأهداف الاقتصاد الوطني. أحكام النظام جاءت لحماية الأسواق التجارية من اقتصاد الظل، الذي طال بمساوئه أساس التشريع الدولي وسلب حقوق المواطن المحلي في جميع بقاع العالم. وأكد النظام عدم أحقية ممارسة الأجنبي في أي دولة لأي نشاط غير مرخص له بممارسته أو الاستثمار فيه بموجب نظام الاستثمار الأجنبي أو غيره من الأنظمة واللوائح والقرارات النظامية في تلك الدولة. كما أقرت أحكام نظام مكافحة التستر أن المواطن في دولة ما يعتبر متسترا على غيره من الأجانب في هذه الدولة إذا مكنهم من ممارسة أي نشاط محظور عليهم ممارسته، أو الاستثمار فيه سواء كان ذلك عن طريق استعمال اسم المواطن أو ترخيصه أو سجله التجاري، أو بأي طريقة أخرى.
في المملكة حدد النظام وزارة التجارة والصناعة لتنفيذ أحكام هذا النظام من خلال قيامها بجولات التفتيش والتحري عن المخالفات وتلقي البلاغات وضبط المخالفات وإصدار القرارات. ولكن تنفيذ أحكام نظام مكافحة التستر يعتبر من أصعب مهام الوزارة لكونه أكثرها حاجة إلى آلاف المختصين في كافة المجالات. ولا يمكن لجهة حكومية منفردة بحجم هذه الوزارة وضعف إمكاناتها البشرية والمادية أن تقوم بهذه المهام على أكمل وجه.
في عام 2011 قامت الوزارة بضبط 1127 حالة تستر نتيجة متابعة ومراقبة وتفتيش 3367 منشأة تجارية فقط من أصل 900,000 مؤسسة تجارية وأكثر من 37,000 شركة وطنية. كما أن الوزارة كانت قد أوضحت مطلع العام الجاري أن قطاع المقاولات يحتل نسبة 43% من قطاعات التستر التجاري، يليه قطاع السلع الاستهلاكية بنسبة 17%، والتجارة العامة 16% والسلع الغذائية 8%، والأعمال التجارية الأخرى بنسبة 16%. كما أوضحت الوزارة أن حملة الجنسية العربية يأتون في المرتبة الأولى من الجنسيات التي يشتبه بهم بممارسة التستر التجاري وبنسبة أكثر من 50% من الوافدين ويأتي حملة الجنسيات الآسيوية في المرتبة الثانية بنسبة تفوق 28%.
تنفيذ نظام مكافحة التستر يحتاج لبرامج توعوية وطنية وخطوات إجرائية محكمة لتحقيق أهدافه بالتضامن مع الوزارة المختصة وللمشاركة في مكافحة هذه الظاهرة التي تمس عصب الاقتصاد الوطني، فضلا عن آثارها الاجتماعية والأمنية الأخرى، التي تتمثل في تحويل ثروات طائلة فاقت 140 مليار ريال في السنة، مما أدى إلى سحب السيولة من السوق المحلي والإضرار بالاقتصاد الوطني واشتداد المنافسة غير المشروعة بين المواطن والوافد.
كما جاء قرار هيئة كبار العلماء الصادر في المملكة برقم 91 وتاريخ 22/ 5/ 1402، ليوضح عدم صحة عقد الشركة الواقعة في التستر التجاري، وأكد على القواعد والضوابط التي بُنِيَت عليها أحكام القرار، ليصبح مرجعا مهما لمعرفة حكم عقد الشركة في التستر التجاري.
الظروف الاقتصادية والاجتماعية، التي تعاني منها أنشطة توزيع السلع والخدمات في الأسواق الخليجية، بدأت تتفاقم جراء انتشار ظاهرة التستر التي أخذت تكتسب طابعا إجراميا، لما لها من تأثير بالغ على جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية، وعلى مجموعة القيم الأخلاقية. ففي المجال الاقتصادي تتعدد أوجه الضرر بسبب كون معظم الأنشطة الاقتصادية تمارس أعمالها غير عابئة بأعين الرقابة الرسمية والشحيحة بمواردها. كما أن القطاع التجاري أصبح أكثر معاناة لعدم قدرته على المنافسة مع مؤسسات التستر المحلية والأجنبية، بل أصبح مضطرا في أغلب الأحيان إلى زيادة مستوى الغش في منتجاته أو خفض مستوى جودتها لتسويقها، ما أدى إلى انخفاض مستوى نوعية المنتجات الوطنية وإضعاف كفاءتها الاقتصادية والإخلال بتوزيع مواردها. إضافة إلى أن معاملات اقتصاد الظل والتستر التجاري تجتذب النصيب الأكبر من الموارد المالية والبشرية المتاحة بسبب ضآلة أو انعدام تكاليفها وارتفاع عوائدها، مقارنة بمثيلاتها الوطنية، مما يتسبب في اتساع رقعتها وانتشار تعاملاتها وتفاقم معدلات أرباحها الناتجة عن عمليات تجارية واقتصادية غير مشروعة.
الآثار الخطيرة لاقتصاد الظل والتستر التجاري لا يمكن حصرها وتقييمها، غير أن نتائج الدراسات العديدة المتخصصة في دول الاتحاد الأوروبي كشفت أن التستر التجاري يتسبب في إفشال سياسات الاستقرار الاقتصادي على المستوى المحلي بسبب دوره التشويهي للمؤشرات اللازمة لوضع السياسات الاقتصادية المختلفة التي من أهمها مؤشرات الأسعار ومعدلات البطالة والنمو الاقتصادي.
لمكافحة التستر من الضروري معالجة قضايا الاقتصاد غير المنظم وتحويله نحو اقتصاد السوق وتكريس اتفاقات التجارة الحرة لتعزيز ثقافة توطين العمالة وتسهيل وصول المستهلك للمنتجات الوطنية ذات المواصفات القياسية المعتمدة وتشديد العقوبات على المتستر المواطن والمتستر عليه الوافد.
والله العالم أن إقتصاد الظل ليس تستر تجاري فقط ... بل هو جميع مصادر الأموال القذرة التي يجري غسيلها عبر عدة قنوات مثل بعض المضاربات العقارية الكبيرة وتحويلات المقيمين خارج البنوك وغيرها.. وقد يصلُ حجم إقتصاد الظل إلى 25% من الناتج المحلي (إقتصاد العلن) !!!.. والله أعلم
مادام شعارنا الشجرة التى لا تظلل مافيها خير سيبقى أقتصاد الظل
الدولة نفسها قامت بتحويل اكثر من 2 تريليون كاستثمارات في السندات الامريكية بمعدل نصف تريليون سنويا !!! مما أدى إلى سحب السيولة من السوق المحلي والإضرار بالاقتصاد الوطني !! و المجتمع السعودي ينفق سنويا اكثر من 600 مليار على الواردات ... والواردات تعني ايضا سحب السيولة من السوق المحلي مقابل الحصول على السلع المستوردة التي لا يمكن للسلع المحلية انتحل محلها لاشباع احتياجيات المجتمع بينما حوالات الوافدين تعني سحب السيولة من البلد مقابل الحصول على الخدمات التي لا يمكن للفرد السعودي الحصول عليها بدون مساعدة الايدي العاملة الوافدة ... وهنا لا فرق بين الاستنزاف مقابل الحصول على السلع المستوردة او الاستنزاف مقابل الحصول على الخدمات .. من ناحيةأخرى لايوجد ضمانات ان التاجر السعودي بالفعل يستثمر امواله في السعودية فحوالات التجار المالية السنويةت فوق بكثير حوالات العاملة الوافدة ... ونعود ونقول ايضا انه اضافة الا ان الدولة قد قامت وتقوم بالفعل بتجفيف البلد من السيولة من خلال استثماراتها لاكثر من 2 تريليون خارج البلد السندات الامريكية!!
شكرا على هذا المقال الرئع يستحق الشكر وأرجو أن لايكون ذلك سوء توفيق من الله بسبب حرمان المواطنين ان تذهب هذه الاموال الطائلة سدا ؟