ارتفعت أسعار النفط مؤخراً ليصبح سعر سلة خامات الأوبك ما يزيد على 111 دولاراً للبرميل يوم الجمعة 12 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.. ماذا يعني ذلك للاقتصاد العالمي؟ لابد أن ترتفع فاتورة استيراد النفط للعديد من البلدان الصناعية المستوردة للنفط، لكن.. هل يؤدي ارتفاع الأسعار إلى تراجع الطلب وترشيد الاستهلاك في البلدان المستهلكة؟ لا يبدو أن ذلك احتمال ممكن، فعلى العكس من ذلك، فإن ارتفاع الأسعار ناتج عن تحسّن الطلب في البلدان ذات الاقتصاديات الناشئة.. يقدَّر الطلب العالمي في الوقت الحاضر بحدود 89 مليون برميل يومياً بموجب إحصاءات وكالة الطاقة الدولية.. أما الإمدادات فهي تتشكل من 30 مليون برميل من البلدان المنتجة والمنضوية تحت لواء الأوبك، و53 مليون برميل من البلدان الأخرى، من خارج الأوبك، وهناك ما يقارب 1.5 مليون برميل تتدفق من المخزونات الموجودة لدى الدول المستهلكة، ومنها الولايات المتحدة. وكما يتضح فإن الطلب يظل قوياً حتى الآن بالرغم من تواضع أداء الاقتصاد العالمي، وهناك تخمينات أن استمرار حال الاستقرار السياسي في بلدان الشرق الأوسط، وتزايد الضغط على إيران، وهي من البلدان المنتجة الرئيسية، قد يفسران استمرار ارتفاع الأسعار.
وبالرغم من الطلب المرتفع خلال هذا العام على النفط فإن وكالة الطاقة الدولية تتوقع تباطؤا في الطلب خلال السنوات الخمس المقبلة.. وتبني الوكالة توقعاتها على استمرار الركود في الاقتصاد العالمي وعدم الانتهاء من أزمة الديون السيادية في بلدان الاتحاد الأوروبي، وتراجع أداء الاقتصاد الأميركي والاقتصاد الصيني.. لكن هذه التوقعات ذكرت من قبل دون أن تتحقق أي تراجعات في الطلب على النفط، علماً بأن الاقتصاد العالمي يعاني أزمة اقتصادية حقيقية منذ عام 2008، دون أن يتأثر سوق النفط بها.. يضاف إلى ذلك أن إمكانات ارتفاع الأسعار خلال الشهور المقبلة تظل محتملة بسبب قدوم فصل الشتاء وإمكانات انخفاض درجات الحرارة، مما يزيد من الطلب على وقود التدفئة في البلدان المستهلكة.. إن تحفظات وكالة الطاقة الدولية بشأن الطلب على النفط، واحتمالات ضعف النمو في الطلب حصل على تأييد من منظمة البلدان المصدرة للنفط (الأوبك)، حيث أوضح تقرير، الذي صدر مؤخراً عن «الأوبك» أن النمو في الطلب سيكون بحدود 730 ألف برميل يومياً خلال العام المقبل.. لذلك فإن «الأوبك» خلصت الى أن مستوى الإمدادات الحالي كافٍ ولا يتطلب زيادة في الإنتاج.. مهما يكن من أمر فإن سوق النفط يظل معرّضاً للعديد من التأثيرات غير المعلومة، وعلى البلدان المنتجة أن تتوقع كل الاحتمالات من أجل تحصين إيراداتها السيادية من النفط