التطوير العقاري الهزيل

11/10/2012 16
عبدالله الجعيثن

منذ الطفرة العقارية الأولى (٧٤م) سنّ بعض العقاريين سنَّة غير حسنة، يشتري عقاريون أرضاً كبيرة جداً وبعيدة نسبياً.. ثم يعمرون فيها مساكن قليلة مبعثرة كالمعزى في صحراء كبيرة قاحلة.. والهدف من بناء تلك الفلل القليلة ليس المساهمة في حلّ مشكلة الإسكان، بل رفع قيمة الأرض الصحراوية الشاسعة إلى ثلاثة أضعاف سعرها المستحق بل وعشرة أضعاف أحياناً إذا أخذنا في الاعتبار مساحات الأراضي الشاسعة، والبقع البيضاء الهائلة داخل المدن وكأنها (برص) في وجه المدينة، الأراضي البيضاء داخل الأحياء والتي أصبحت مكبًّا للنفايات ومرتعاً للحشرات.

ومع الزمن سادت تلك السّنة غير الحسنة لدى معظم العقاريين بل وشركات التطوير العقاري بحيث أصبحت (نموذج عمل) لدى من يسمون أنفسهم بالمطورين وأغلبهم ليس كذلك، بل هم باحثون عن الربح الهائل السريع على حساب قدرة المستهلكين وراحتهم وحاجتهم، فباستثناء ثلاثة مشاريع أو أربعة لا نجد تطويراً عقارياً بهذا المفهوم، حتى عند من تسمي نفسها (شركات تطوير عقاري) فهو اسم على غير مسمى، إذ أن تنفيذ البنية التحتية - لدى الكثيرين - هزيل (مشي حالك) وينهجون نهج آبائهم في بناء فلل قليلة في الموقع بهدف رفع قيمة الأرض الكبيرة وسهولة بيعها - مقطعة - بأسعار فلكية، فلا يتحقق هنا مفهوم التطوير العقاري الذي يعني (الحي المتكامل الشامل) الذي إذا سكنه المواطن وجد جميع الخدمات وسلم من إزعاج الذين يعمرون من حوله بالتدريج الذي يستمر إلى عشر أو عشرين سنة من الحفر والغبار والازعاج..

لا نريد أن نقارن شركات التطوير العقاري لدينا، ولا المطورين بشكل عام، بأمثالهم في (دبي) و(أبوظبي) و(قطر) ولكننا نقارنهم ببلد غال علينا وأقل إمكانات مادية منا وهو (مصر الحبيبة).. في مصر تطوير عقاري شامل وعلى أصوله، أحياء متكاملة مريحة بحدائقها ومتاجرها وخدماتها الكاملة واتحاد ملاكها (للأبراج) أما لدينا فالتطوير المزعوم أصبح مجرد وسيلة لرفع سعر الأرض أضعافاً مضاعفة دون مشاركة في حل أزمة السكن بل زيادتها سوءاً وتعقيداً..

ولا نلوم الأفراد والشركات المطورة، فهم يبحثون عن الربح الكبير السريع وهذه طبيعة البشر إلا من رحم ربي، نلوم الجهات المرخصة لهم (البلديات) التي ينبغي أن تلزمهم بتطوير الموقع بالكامل كشرط للتخطيط.