اليوم الوطني ليس مجرد ذكرى احتفالية بل هو وقفة لاسترجاع مسيرة بناء بدأت قبل اثنين وثمانين عاما عندما أعلن عن توحيد المملكة العربية السعودية بكيانها العظيم على يد أبنائها بقيادة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه لتبدأ بعدها نهضة حضارية أوصلت المملكة لتكون أحد أكبر الاقتصاديات العالمية
ولقد أولت الدولة أهمية قصوى للنهوض باقتصادها في كافة القطاعات الصناعية والزراعية والعقارية والخدمية ونظراً لما تحمله الحكومة من مسئوليات لتحقيق التنمية الاقتصادية فقد قادت أحد أهم الجوانب والمرتكزات التي يعتمد عليه أي اقتصاد لتحقيق النمو بخلاف التشريع والتنظيم والأمن والاستقرار ليكون التمويل الحكومي هو السمة الأبرز من حيث تنوعه وحجمه وقد أسست لذلك عدة صناديق تنموية تتولى عمليات التمويل منذ خمسة عقود تقريباً ليتجاوز حجم ما تم تمويله للوقت الحالي أكثر من 500 مليار ريال بخلاف ما تم اعتماده من دعم مالي لها العام الماضي والذي سيرفع من وتيرة التمويل الحكومي ليقترب حسب التوقعات بنهاية العقد الحالي لحاجز تريليون ريال بسبب اتساع حجم الاقتصاد الوطني ومتطلبات خطط التنمية الكبيرة المعتمدة حديثا.
وقد ساهم الصندوق الصناعي بتمويل الصناعة السعودية بمختلف تخصصاتها ليتجاوز حجم ما تم إقراضه للمشاريع الصناعية حاجز مئة مليار ريال ساهمت برفع عدد المصانع من عشرات قبل أربعين عاما لتقترب من خمسة آلاف مصنع حالياً وارتفع حجم صادراتها أكثر من عشر مرات ليصل إلى مئة وثلاثين مليار ريال وقد ارتفع رأس مال الصندوق ليصل إلى أربعين مليار ريال حاليا ويدعم الصندوق عبر برنامج كفالة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ليشكل رافدا تمويلياً مهما يقوي به من دور القطاع الخاص التمويلي لهذه المشاريع ويفتح بابا واسعا للشراكة في قطاعات التمويل الحكومية والخاصة والتي أثمرت عن استثمارات صناعية فاقت أربعمائة مليار ريال بمختلف التخصصات الصناعية البتروكيماوية والتحويلية والهندسية وغيرها ولعل قوة الدعم الحكومي التمويلي أسهمت بزرع الثقة لدى القطاع المالي الخاص ليسهم بدوره في تمويل الصناعة السعودية من خلال تخفيف المخاطر عليه ومن أبرز إسهامات الصندوق الصناعي دوره بتمويل شركات الكهرباء قبل دمجها إذ مول إنشاء محطات وشبكات كهرباء بالعديد من مناطق المملكة عندما كانت شركات الكهرباء مستقلة وتخدم مناطقها التي أسست فيها
ويأتي دور صندوق التنمية العقارية في مقدمة أكبر الممولين في الاقتصاد السعودي والذي تخطى حجم تمويله منذ تأسيسه حاجز ثلاثمائة مليار ريال أسهمت بتمويل ما يربو على مليون وحدة سكنية وقد تم اعتماد مائتين وخمسين مليار ريال لبناء خمسمائة ألف وحدة سكنية ليخفف ذلك من المدة الزمنية التي ينتظرها طالبو القروض السكنية مع دعم بمبلغ أربعين مليار ريال العام الماضي رأس مال الصندوق ورفع سقف التمويل لخمسمائة ألف ريال لكل طالب قرض مما أسهم بمنح عشرات الآلاف قروضاً سكنية وقلص مدد الانتظار بنسبة لافتة وكبيرة حالياً ويتوقع أن يرتفع عدد مالكي السكن بنسبة كبيرة جدا خلال العقد الحالي مع تطوير وإصدار العديد من النظم كما يقدم الصندوق قروضا للعقار الاستثماري تصل مبالغه لعشرة ملايين ريال كحد أقصى.
وكان لصندوق التنمية الزراعية منذ إنشائه قبل خمسين عاما تقريبا دور بارز ونهضة زراعية حققت نسب عالية من الاكتفاء الذاتي ببعض المنتجات رغم نقص الموارد المائية فقد قدم الصندوق قرابة ستين مليار ريال ساهمت برفع الإنتاج المحلي من الدواجن واللحوم والألبان والمنتجات الزراعية المختلفة وأصبحت المملكة مصدراً لبعض المنتجات وتأسست شركات زراعية تعد الآن من أكبر الشركات العربية إنتاجا ولديها سمعة واسم بات علامة تجارية معروفة بجودتها وانتشارها.
ولم تقتصر الجهود التمويلية الحكومية للأفراد على القروض العقارية بل وصلت إلى دعم المشاريع الصغيرة وكذلك تمويل اجتماعي لتحسين أوضاع بعض الفئات وتيسير حياتها من قروض زواج وترميم عبر بنك التسليف والذي تجاوز رأس ماله ثلاثين مليار ريال وأسهم بتمويل عشرات الآلاف من ذوي الدخل المحدود دون أعباء في تكاليف الإقراض أو الدفعات الميسرة التي لا ترهق الدخل.
ومع تنامي الحاجة لتأسيس كيانات اقتصادية جبارة أسس صندوق الاستثمارات العامة والذي مول تأسيس أكبر الشركات بالاقتصاد الوطني ووصل بعضها للعالمية كسابك فمن المعروف أن الإقبال على المساهمات بالشركات الكبرى في الاقتصاديات الناشئة يكون محدودا من حيث القدرة التمويلية ولذا قامت الحكومة بالمبادرة عبر الصندوق بدفع جزء كبير من رؤوس أموال تلك الشركات وكذلك تقديم القروض لتمويل مشاريعها مما لعب دورا كبيرا بنموها ورفع حجم إنتاجها وأصولها وريادتها الاقتصادية والاجتماعية وأسهم الصندوق عبر استثماراته بتمويل قطاعات صنفت كركائز رائدة بالاقتصاد السعودي كالبتروكيماويات والتعدين واستثمر الصندوق في مشاريع بنى تحتية كقطار الشمال لنقل المواد الخام اللازمة لإنتاج الفوسفات والألمنيوم والعديد من المشاريع الأخرى الحيوية والتي من شأنها إنجاح الخطط الصناعية المعتمدة.
الدور التمويلي الحكومي كبير جداً بالاقتصاد الوطني وساهم بنصيب الأسد من التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي ذكرى اليوم الوطني تبرز هذه النجاحات الكبيرة اقتصاديا لتظهر مدى اهتمام الدولة ببناء الوطن وتقوية اقتصاده لينعكس على الوطن والمواطن والذي ظهر بشكل واضح وملموس من خلال حجم الناتج الوطني الذي تضاعف عشرات المرات منذ تأسيس المملكة فهنيئا لأبناء الوطن بما تحقق مع أن التطلعات والطموحات والتحديات مازالت كبيرة لكن ما تم بناؤه خلال هذه المدة القصيرة يعد إنجازاً كبيراً فكل عام والوطن وقادته خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع وكافة أفراد الأسرة المالكة والشعب السعودي بألف خير.
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
التمويل يبقى مهما في التنمية الاقتصادية ولكن يحتاج الى تنظيم احترافي حتى يتم تعظيم الاستفادة من تلك الاموال
بربرة