نظرية الكارتل للبروفيسور أدلمان (مغالطة لحقائق التاريخ)

16/09/2012 4
د. أنور أبو العلا

لا شيء يؤدي الى انتشار المعرفة وتقدم العلوم وفهم الأشياء على حقيقتها كفتح الباب للمختصين للنقاش (وتبادلهم الآراء في) المواضيع الهامة المؤثّرة في المجتمع وبالتالي تتضح الصورة لدى صناع القرار فيتم تصحيح الأخطاء والسير في الطريق الصحيح.
اشكر زميلي الدكتور ابن جمعة لأنه يتيح لي ان أوضّح له بعض النقاط التي استعصى عليه فهمها في سلسلة مقالاتي التي اكتبها عن البترول.
يقول أخي ابن جمعة: ” ادلمان بروفيسور اقتصاد النفط.. لم يكن يوما من الأيام مزورا للتاريخ”. ثم يكيل له المديح ويصفه بأن له افكارا قيّمة في اقتصاديات النفط. هذا يجعلني اشك أن أخي ابن جمعة لم يقرأ (وإن قرأ فهو لم يفهم) ماكتبه أدلمان.
لن استعرض جميع ماكتبه أدلمان عن أوبك. ولكن سأكتفي بأن أطلب من أخي ابن جمعة ان يقرأ ويستوعب خمس صفحات (الصفحات: 45 – 49) من نظرية ادلمان عن سوق البترول بعنوان OPEC as a Cartel ثلاث صفحات فقط المنشورة في كتاب: OPEC behavior and world oil prices من تجميع Griffin and Teece عام 1982.
تقول نظرية ادلمان عن احتكار اوبك لسوق البترول إن السعودية وحدها تقوم بدور مسترهايد (على حد قوله: Dr Jekyll turned Mr Hyde) لخلق الأزمات في اسواق البترول ويستشهد على صحة نظريته بالنص التالي:
” يعتقد الناس ان الثورة الايرانية هي السبب في قفزة أسعار البترول من 12 إلى 32 دولارا خلال عامي 1979 – 80 بينما هذا لا يمكن أن يكون الحقيقة True لأنه في 20 يناير 1979 (يوم يجب تسجيله في ذاكرتنا) خفّضت السعودية إنتاجها من 10.4 الى 8.0 ملايين برميل .. فلم يأتِ منتصف فبراير حتى قفزت الأسعار الى فوق 31$ للبرميل”. (الصفحة 47 من المرجع المذكور)
هذه الترجمة المقتبسة من نظرية ادلمان وردت في القسم رقم IV المعنون OPEC pricing an historical interpretation تفسيرا تاريخيا لتسعير أوبك للبترول.
هذا تزييف للتاريخ لأن الذي حدث تماما عكس مايقوله أدلمان فالذي حدث هو أن أرامكو ( قبل ان تتسعود) من أجل أن تعوّض النقص الذي طرأ على إنتاج بترول ايران قفزت فجأة بإنتاجها فوق طاقتها الإنتاجية من 8.0 الى 10.4 ملايين برميل فحدثت مشاكل في الآبار (وفقا لتقرير الكونجرس الامريكي Irreversible damage) مما اضطرها لخفض انتاجها (هذه النقطة ناقشتها في الصفحتين 119 و120 من رسالتي للدكتوراه).
هذا قليل من كثير من التهم (الصفات السيئة) التي ألصقها ادلمان بالمملكة فهو يقول في الصفحة 45 انهم يراوغوننا (يقصد المملكة) فقد كانوا يقولون انهم سيرفعون طاقتهم الانتاجية الى 20 مليون برميل ولكنهم يترددون حتى في رفعها الى 14 مليون برميل، وبدلاً من حفر 177 بئرا عام 1973 خفضوها الى 55 بئرا عام 1979.
أرجو من أخي ابن جمعة ان يقرأ بتمعن نظرية ادلمان ثم يقول هل لازال يعتقد أن ادلمان قدم افكارا قيمة في اقتصاديات النفط؟
الأسبوع القادم -إن شاء الله- سأناقش مقولة معالي الشيخ اليماني، وتقرير هارفرد، وهل هو أنا الذي وقع في خطأ التحليل الجيولوجي والاقتصاد الرياضي؟!.