يُواجه القطاع الخاص المحلي منذ بداية الأزمة المالية العالمية، الكثير من المصاعب، ليس أقلها قدرته في الحصول على احتياجه التمويلي، بخلاف المنافسة الكبيرة التي تفاجأ بها من المنافسين الدوليين، للحصول على مشاريع تضمنتها ميزانيات المملكة خلال السنتين الأخيرتين.. ومثلما يضع القطاع الخاص مطالبه أمام الجهات المعنية لتطوير إمكانياته.. فإنه يُقابل بمطالب مماثلة تتمثَّل بتطوير هيكليته التنظيمية والمالية، لكي ينتقل إلى مرحلة أكثر وضوحاً أمام الجهات التمويلية، خصوصاً المصارف حتى تضمن حقوقها.
وبالرغم من الحراك الذي تبديه الكثير من الجهات.. سواء الرسمية.. أو الغرف التجارية، لتذليل العقبات أمامه.. إلا أن أفضل الخيارات المتاحة لأخذ الوصفة الناجعة له، هي تطبيق المعايير التي تطلبها هيئة سوق المال من أي شركة ترغب بالإدراج في السوق المالية، فهي كفيلة بنقل الشركات إلى مرحلة التنظيم الواضح من حيث الهيكل العام، بخلاف ضبط القوائم المالية، وحصر حجم الأصول، وتقدير قيمتها، واتباع سياسة محاسبية ومالية محددة.. ويتم كل ذلك عبر مؤسسات مالية مرخصة تنظِّم آلية العمل لتلك الشركات المنوي إدراجها.
فلو تمَّ اعتبار تلك المعايير أساساً تنطلق منه كل تلك الوحدات الاقتصادية لترتيب أوراقها، لأمكن نقلها إلى مرحلة الشفافية بمعلوماتها مما يمكِّنها من حلحلة كل العقبات التي تواجهها، بخلاف أنها تصبح مهيأة للإدراج عندما تقرر ذلك.
فالشركات المدرجة بالسوق المالية، يسهل عليها الحصول على التمويل أكثر من غيرها.. كما تتعدد أمامها القنوات التي تتيح لها الحصول على حاجتها من المال، للتوسع بأنشطتها، أو استكمال ما لديها من مشاريع.
إن الأخذ بمعايير محددة للارتقاء بواقع الشركات إلى مرحلة واضحة.. يفرز سهولة التعامل معها من قِبل أي جهة.. وكذلك الحال بالنسبة لها ستجد الطريق أمامها أسهل للمنافسة على المشاريع، والحصول على احتياجها من القروض وغيرها.
فأسواق المال التي شهدت تطوراً كبيراً منذ عقود على المستوى العالمي لعبت دوراً كبيراً بتنظيم قطاع الأعمال ونقله إلى مرحلة النضج.. كما انعكست على بيئة الاستثمار.. ورغم أن سوقنا ما زال صغيراً قياساً بحجم الاقتصاد.. إلا أن الفرصة كبيرة أمامه للتوسع وإضافة قطاعات عديدة له، وإيجاد قنوات تمويل لأي شركة ترغب بالتوسع بنشاطاتها.
وبالتالي يفترض أن تقوم الشركات غير المدرجة بوضع السوق كهدف مستقبلي تطمح لدخوله، ولكن لا بد أن يسبق ذلك عملية تنظيم داخلية فيها.. فهناك دول تعتمد معايير تطوِّر واقع الشركات على مراحل زمنية طويلة تهدف بالنهاية لإيصالهم لمرحلة الجاهزية للاستفادة من مزايا سوق المال التمويلية.. مثلما تهدف إلى توسيع قاعدة الفرص الاستثمارية أمام الجمهور.. فالمصلحة متبادلة بين كل الأطراف..والسوق المالي يتيح أفضل الفرص أمام الجميع، ويشهد السوق المالي السعودي تطورات كبيرة بالسنتين الأخيرتين أفادت العديد من الشركات رغم حداثة الهيئة وما تعانيه الأسواق عموماً من مصاعب جراء الأزمة.. لكن يبقى للنتائج على المدى البعيد انعكاسات إيجابية كبيرة.. وبالتالي لا بد من الأخذ بأفضل التجارب لتطوير القطاع الخاص، وتهيئته ليكون لاعباً رئيساً بتنويع مصادر الدخل وجذب الاستثمارات وتوسيع قاعدة الإنتاج بالاقتصاد.