في البداية، يجب أن أعترف أني كذبت قليلاً لأجل أن أشدّك عزيزي القارئ لقراءة هذا المقال، ففي الحقيقة لا توجد معادلة سحرية واحدة يمكن للشخص العمل بها في سبيل إدارة مصاريفه والادخار بشكل أفضل. ولكن هناك عديد من النصائح التي يمكنها مساعدتك لتحسين حالك. وسنتطرق لأهمها أدناه:
أولاً: لا تدخر ما يتبقى بعد الإنفاق، ولكن أنفق ما يتبقى بعد الادخار
والمقصود بذلك هو أن عليك رفع أولوية الادخار بأن تعامله ليس كفائض، إنما كإحدى فواتيرك الأساسية التي يجب أن تؤديها بشكل مستمر. وقد تطرقت لهذه النقطة بشيء من التوسع في مقال سابق بعنوان «مفتاح الادخار الناجح: ادفع لنفسك أولاً» والمنشور في 12/07/2009م.
ثانياً: قسم دخلك لحسابات مختلفة وخصص كل حساب لمصرفه
الحساب الأول (المصروف الشهري): وهو الجزء الذي يتم صرفه لينتهي تماماً في نهاية كل شهر، وهو ما تستخدمه لسداد فواتيرك الشهرية وطعامك وكل المطالب الأساسية في حياتك اليومية. ويفضل أن يكون هذا المبلغ في حساب مستقل يرتبط ببطاقة صراف لتسهيل السحب اليومي منه. وهذا الحساب لا ينبغي استثماره باعتباره مستهلَكا شهرياً، ولا يحتمل أي مخاطرة.
الحساب الثاني (المدخرات القصيرة الأجل): وهو مبلغ موجود في حساب آخر مخصص للأهداف المالية القصيرة المدى، وتضم المصاريف غير المتكررة بشكل شهري، كإيجار المنزل الذي يُدفع كل ستة أشهر وأقساط مدارس الأبناء، وأقساط التأمين السنوية، واشتراكات المجلات والصحف، إضافة إلى المصاريف غير المتوقعة كالتعرض لحالات طارئة مثل تعطل السيارة أو إصلاح بعض الأشياء التالفة التي تحتاج للصيانة بالمنزل، وكل هذه الأشياء تدخل تحت اسم الأهداف المالية القصيرة المدى، ولذلك لا بد أن يتم مراكمة مبلغ من المال شهرياً حتى يكتمل المبلغ المطلوب بحلول الوقت المتوقع استخدامه فيه لسداد الإيجار أو الأقساط المطلوبة، دون التعرض إلى أزمة مالية تدفع بصاحبها إلى الاقتراض.
ويمكنك تنفيذ ذلك بتقدير المبلغ المالي الذي ستحتاج إليه لهذه المصارف كل عام، ثم تقسم هذا المبلغ على عدد شهور السنة لتوضح المبلغ المطلوب توفيره من الدخل كل شهر للإيفاء بهذه المطالب، مع إمكانية إضافة مبلغ جزافي بسيط للحالات الطارئة. وهذا الحساب يمكن استثماره في وسائل استثمارية منخفضة المخاطر (كالمرابحة أو الصكوك بنسبة أقل)، ويجب الابتعاد عن استثماره في مجال الأسهم أو العقار لأنها متغيرة بشكل كبير، وقد تؤدي إلى الخسارة التي يترتب عليها وقوعك في مشاكل مالية عند حلول موعد التزاماتك المالية.
الحساب الثالث (المدخرات الطويلة الأجل): وهذا مبلغ تقتطعه في حساب ثالث للأهداف المالية الطويلة المدى، وهي الأهداف التي تتجاوز فترة السنة والسنتين، كبناء المنزل أو الزواج أو إقامة مشروع ما، ويتم تقديرها عبر تحديد المبلغ المطلوب والوقت المتاح لتحقيق هذا الهدف مع الوضع في الاعتبار الأرباح المتوقعة للمبلغ المدخر خلال هذه الفترة فيختلف في وسيلة استثماره حسب طبيعة الهدف المحدد له والمدة الزمنية الخاصة به وردة فعلك في حال عدم تحقيق الهدف، فإذا كنت تبحث عن تحقيق هدف على مدى زمني قصير «سنتين أو ثلاث سنوات» وستتأثر بشكل كبير في حال عدم تحقيق هذه الأهداف، يجب عليك أن تلجأ إلى الاستثمار المنخفض المخاطر، أما إذا كنت تضع فترة زمنية طويلة لتحقيق أهدافك ولن يتأثر كثيراً إذا لم تتحقق، فيمكنك الدخول إلى مجالات استثمارية أعلى مخاطرة.
وقد تختلف النسب التي تخصصها لكل حساب حسب حاجاتك ومتطلباتك الشهرية. ولكن يظل الهدف دائماً هو عدم الاعتماد في أي مصرف إلا على الحساب المخصص له، ففي حال نفد الجزء الأول المتعلق بالمصاريف الشهرية، فلا بد أن تقتصد في مصروفاتك حتى ينتهي الشهر وتحصل على دخل الشهر الجديد، لأنك إذا فتحت المجال لتحويل مبالغ من حساب آخر فسيتسبب في حدوث عجز في أحد هذه الحسابات وبالتالي التعرض إلى مشاكل مالية مستقبلية.
ثالثاً: قرّر الادخار مرة واحدة فقط
يجب أن تتخذ قرارك بالادخار لمرة واحدة، وليس لمرات متكررة، بمعنى، ألا تلجأ إلى الادخار بشكل يدوي بحيث تجاهد كل شهر لاستقطاع مبلغ لتجنيبه للادخار، بل يجب أن تذهب إلى بنكك مرّة واحدة فتخبره برغبتك في استقطاع مبلغ محدد من دخلك الشهري لتحويله إلى حساب استثماري أو توجيهه إلى قطاع استثماري ما، وذلك بصفة دورية ودون الرجوع إليك، وينطبق ذلك على أي حساب من الحسابين الخاصين بالمدخرات القصيرة والطويلة المدى، ليتبقى للشخص في حسابه الجاري فقط المبالغ المفترض أن يقوم بصرفها بشكل شهري، ويتعامل مع هذا المبلغ على أساس أنه هو الدخل الوحيد له وليس لديه دخل آخر غيره.
أرجو أن تجدوا في هذه النصائح بعض الفائدة لمساعدتكم على تقنين مصاريفكم والادخار بشكل أفضل. كما أرجو من القراء الكرام المشاركة بأي آراء أو أفكار قد يكونون استفادوا منها في هذا الصدد.
تعليق على جملة التالية {وهذا الحساب يمكن استثماره في وسائل استثمارية منخفضة المخاطر (كالمرابحة أو الصكوك بنسبة أقل) امل منك توضيح كيفية الاستفادة من تلك الاساليب , وبذات داخل السعودية . والسؤال الذي يطرح نفسه من يحكم مصروفي الظرف او الرغبة ؟