ماذا يعني رفع مستوى الأداء التمويلي؟

06/01/2010 2
محمد العمران

أعلنت شركة سابك أخيراً عن توقيعها اتفاقية برنامج إصدار سندات (طرح خاص) مع صندوق الاستثمارات العامة بمبلغ إجمالي بلغ عشرة مليارات ريال سعودي تستحق الدفع بعد سبع سنوات، وعزت الشركة هذا الإصدار إلى رغبتها في تمويل جزء من مشاريعها ضمن إطار خططها وبرامجها الاستراتيجية المتعلقة برفع مستوى الأداء التمويلي وتعظيم القدرة التنافسية والإسهام في تحقيق استراتيجيتها في التوسع والنمو.

لا شك أن تمويل صندوق الاستثمارات العامة لهذا الإصدار يشكل دعماً مهماً للمحفظة الإقراضية في "سابك" بحكم أن تكلفة الإقراض في هذا الإصدار تكون أقل مما هي عليه في أدوات الدين الأخرى مثل: القروض والتسهيلات المصرفية أو السندات والصكوك العامة أو حتى إصدار أسهم جديدة، لكن ما يثير الاهتمام هنا أن القوائم المالية للشركة تشير إلى وجود فائض ضخم في رأس المال العامل بلغ في الربع الثالث من 2009م أكثر من 71 مليار ريال (بما في ذلك رصيد النقدية البالغ نحو 53 مليار ريال) وهو رقم يتيح للشركة بكل سهولة وخلال فترة زمنية قصيرة تسديد ما يعادل ثلاثة أرباع بقية الالتزامات على الشركة!!

هذا يدل على أن الشركة تتمتع الآن بسيولة ممتازة تمكنها من التوسع والنمو بالاعتماد على مواردها الذاتية دون النظر إلى التدفقات النقدية المستقبلية وبالتالي فهي ليست بحاجة إلى هذا التمويل بأي حال من الأحوال وهو ما يزيد الأمور غموضاً وتعقيداً، وهنا يحق لنا أن نتساءل: لماذا لجأت الشركة إذن لإصدار سندات جديدة؟ ولماذا الاقتراض في هذا الوقت؟ وما الهدف من ذلك؟

عند التمعن في إعلان الشركة نجد أنه تطرق إلى رغبتها في التوسع والنمو كما تطرق الإعلان أيضاً إلى رغبتها في رفع مستوى الأداء التمويلي، وعلى ذلك فإن كانت الشركة تريد التوسع والنمو فإنه لا بد لنا في المستقبل القريب من سماع أخبار عن مشاريع جديدة أو عمليات استحواذ جديدة إلا أن هذا الخيار يبدو لي غير وارد بسبب أن الشركة تستطيع النمو بمواردها الذاتية دون الحاجة إلى هذا التمويل. أما إن كانت الشركة تريد رفع مستوى الأداء التمويلي فيبدو لي هذا الخيار أكثر احتمالية وعقلانية، خصوصاً أن الشركة لديها حالياً رصيد كبير من السندات والقروض والتسهيلات المصرفية ذات التكلفة المرتفعة.

هذا يعني أنه في ظل الغموض الذي يكتنف هذا الإصدار، يبدو لنا أن الشركة تهدف من خلاله إلى إعادة هيكلة محفظتها الإقراضية بما يتماشى مع أسعار الفائدة المنخفضة حالياً وهذا بالتأكيد إيجابي لأنه سيساعد على تخفيض تكلفة الاقتراض مستقبلاً من خلال تبني مفهوم التمويل التجسيري، إلا أنه في جانب آخر يتضمن اعترافاً صريحاً وحاسماً بوجود أخطاء في إدارة المحفظة الإقراضية (تحديداً في آلية تمويل الاستحواذ على وحدة جنرال إليكتريك الأمريكية) وهو ما يفسر هبوط سعر سهم الشركة في السوق بنحو 1 في المائة في اليوم التالي لنشر الإعلان.