قد يسأل سائل: ''ما هذا التعقيد في سوق الأسهم؟ ولماذا نحتاج لسعرين - عرض وطلب - بدلاً من مجرد سعر واحد للبيع والشراء؟ فعندما أشتري علبة بيبسي من البقالة فإن السعر دائماً ريال واحد (أو ريال ونصف في الفترة الأخيرة للأسف)، وليس سعر للبيع وسعر للشراء، أَو لا يمكن أن تكون السوق المالية بالسهولة نفسها؟''.
الحقيقة أني أتفهم هذا الرأي لأول وهلة، ولكن لدى تمحيص هذا التساؤل قليلاً نجد أن هناك فرقاً بين شراء الأسهم وشراء البيبسي يجعل تحديد سعر واحد للأسهم أمراً صعباً (وعسى الله ألا يجعل سعر الأسهم بسعر علبة البيبسي نفسه) ففي حالة علبة البيبسي، فإن موقفك مقابل صاحب البقالة هو نفسه دائماً، فأنت دائماً المشتري وهو دائماً البائع، لذا ليس من المتصور أن تسأل صاحب البقالة ''بكم البيبسي''، فإذا قال لك ''بريال'' تقول له ''بعتك 100 كرتون بيبسي''، وإنما خيارك الوحيد مع صاحب البقالة هو الشراء أو عدم الشراء. أما في حالة سوق الأوراق المالية فإن مواقف الأطراف فيه متغيرة، فتجد الشخص مشترياً تارة وبائعاً تارة أخرى لما اشتراه. لذا وجب أن يكون هناك سعران، سعر للبيع وسعر للشراء.
إذا كان ذلك مقبولاً فكيف إذاً يتم تحديد هذه الأسعار؟ ولماذا تتغير؟ للإجابة عن هذا السؤال لننظر إلى شركتنا المفضلة: شركة (ربح وفلّة). في هذه الشركة هناك أربعة مساهمين يودون بيع أسهمهم. البائع 1 مستعد لبيع 1,000 من أسهمه بسعر 100 ريال، والبائع 2 مستعد لبيع 500 سهم بسعر 95 ريالا، والبائع 3 مستعد لبيع 300 سهم بسعر 90 ريالا، أما البائع 4 فهو ''رجال محتدّ ويحتاج إلى قروش'' لذا فهو مستعد لبيع الـ 100 سهم التي لديه بسعر 85 ريالا للسهم. طلبات البيع هذه تسمى ''عروض'' (أي عرض السهم للبيع)، وفي هذه الحالة يقوم السوق بصفّ العروض هذه في طابور افتراضي بدءاً من السعر الأعلى حتى السعر الأدنى من صاحبنا ''المحتدّ''، الذي يصبح هو أفضل (أو أقل) عرض. والشيء نفسه بالنسبة لطلبات الشراء، التي تسمى ''طلبات'' (أي طلب لشراء السهم)، حيث يتم صفّها بالعكس، أي بدءاً من السعر الأدنى حتى السعر الأعلى، الذي يصبح هو أفضل (أو أعلى) طلب، وفي هذا الصدد لنفترض أن المشتري 1 مستعد لشراء 1,000 سهم بسعر 70 ريالا للسهم، والمشتري 2 مستعد لشراء 500 سهم بسعر 75 ريالا للسهم، أما المشتري 3 فهو مستعد لشراء 200 سهم بسعر 80 ريالا للسهم.
وبهذا تصطف سلسلة من الطلبات أمام سلسلة من العروض بحيث يصبح أقل سعر للبيع (85 ريالا للسهم) هو سعر العرض وأعلى سعر للشراء (80 ريالا للسهم) هو سعر الطلب لشركة (ربح وفلّة). ولكن إلى الآن لم تتم أي عملية لأنه لم يلتقِ أي بائع مع أي مشترٍ على السعر نفسه.
الآن دعونا نفترض دخول مستثمر جديد (عبيّد المتحمّس) الذي يرغب بشراء سهم في شركة (ربح وفلّة)، ولنفترض أنه قام بإدخال أمر شراء لعدد 100 سهم بسعر 85 ريالا (ألم نقل لكم إنهُ متحمّس؟). طبعاً هذا الطلب سيلتقي مع أفضل عرض من صاحبنا المحتدّ الذي بالسعر نفسه (85 ريالا) وبالتالي ستتم عملية بـ 100 سهم بسعر 85 ريالا. بعدئذٍ يصبح أفضل عرض 90 ريالا (لأن العارض بـ 85 ريالا قد باع أسهمه بالكامل) وأفضل طلب يظل بـ 80 ريالا. أما إذا كان عبيّد المتحمس قد أدخل أمراً بشراء 50 سهماً بدلاً من 100 سهم، لكان فقط سيشتري 50 سهماً من صاحبنا المحتّد وبالتالي سيظل أفضل عرض 85 ريالا (ولكن بالـ 50 سهما المتبقية من صاحبنا المحتد التي لم يبعها بعد) وأفضل طلب يظل بـ 80 ريالا. أما إذا كان عبيّد (الله يحفظه) قد أدخل أمر شراء بـ 200 سهم بدلاً من 100، لكان اشترى جميع كمية صاحبنا المحتدّ ولكن يبقى له طلب لـ 100 سهم لم تجد بائعاً (أو عرضاً) بحيث تصبح هي أفضل طلب (بسعر 85 ريالا) ويصبح أفضل عرض بسعر 90 ريالا.
وصلت الفكره استاذ محمد بس مين يفهم ويطبق