عندما أعلن عن اتفاق تسوية بين مجموعة سعد، والبنوك السعودية، بعيداً عن بقية المقرضين الخارجيين، احتج مسؤولو البنك المركزي الإماراتي، وانبرى عدد من كتابنا مدافعين عن التسوية، وحمّلوا البنوك الخارجية مسؤولية عدم توثيق قروضهم برهونات محسوسة.
ولاحقاً طلبت رابطة المصارف البريطانية توسط حكومتهم لدى الحكومة السعودية، لنقل قلقهم من أي تسويات محتملة، تغفل حقوقهم.
هنا أود أن أتحدث بكل تجرد، وسأزعم أن تجاهلنا لوضع البنوك الخارجية المقرضة لسوقنا السعودية، سيضر بنا في المدى الطويل، وإليكم المبررات:-
أولاً: من شبه المؤكد أن أي تسهيلات أجنبية لمثل مجموعة سعد، قد تضمنت اتفاقياتها، شرطاً يتطلب من المقترض أن يعامل جميع المقرضين بشكل عادل، وحسب نسب القروض، ولذلك قد تكون تلك الاتفاقيات مدخلاً للبنوك الأجنبية، لطلب معاملة عادلة، وقد تدَعي على البنوك السعودية في المحاكم الأجنبية! حتى ولو شعرت البنوك السعودية بأن موقفها صحيح، وعادل.
ثانياً: وهو الأهم، فقد لا يستوعب الكثير، أهمية حجم التمويل التجاري الخارجي، الذي ساهم، ويساهم في تمويل مشاريعنا الكبرى، ومنها مشاريع أرامكو، والبتروكيماويات، والكهرباء، والتحلية، وكذلك البيوتات التجارية، وبآلاف الملايين من الريالات. وكل ذلك كان مع وجود التمويل الحكومي المباشر من الميزانية، بالإضافة إلى تمويل صناديق التنمية، وإضافة لتمويل المصارف السعودية. ودعونا نتصور ماذا يمكن أن تكون عليه الحال، لو اختفى ذلك التمويل الأجنبي؟!
اليوم يوجد لدى الحكومة فائض، والبنوك تتمتع بملاءة مالية عالية، ولكن حالة (القصيبي، وسعد) وحدها قد خلقت حالة هلع كبيرة في المملكة، والخليج. فكم حالة أخرى مازالت تحت السطح؟! وهل من العدل استنفاذ فوائض الحكومة في تمويل مشاريع يمكن تمويلها تجارياً؟! وبمشاركة أجنبية؟! الجواب بالنفي بالطبع، ولكن أكثر من ذلك، فإن غياب المقرض الأجنبي سيقلص حجم التمويل المتاح من المصادر المحلية، وسيكون أول المتضررين هم الصغار، ومتوسطي المقترضين، وبشكل عام سترتفع كلفة التمويل. كل ذلك سيحدث قبل تطبيق نظام الرهن العقاري، والذي سيستحوذ حتماً على جزء هام من حجم التمويل المتاح، هذه ليست نظرة موغلة في التشاؤم، ولكنها دعوة لعمل مراجعة شاملة، حول تأثير قضية تسوية (سعد – البنوك السعودية)، على اقتصادنا في المدى الطويل.
ما هو المطلوب عمله؟ والجواب هو أنني لا أدعو إلى أن تنقذ البنوك السعودية باقي البنوك الخارجية المتورطة، ولكنني أدعو إلى حوار بنوكنا، ومن ورائها البنك المركزي، مع باقي البنوك الخارجية المقرضة، والتي ستستفيد من خبرة، ومعرفة بنوكنا بالبيئة المستقبلية لأعمال تلك الشركات المتعثرة، وبذلك تقود البنوك السعودية باقي المقرضين إلى وضع أفضل من وضعها اليوم، وفي نفس الوقت نمنع تكوّن حالة تشنج لدى البنوك الأجنبية، وهو ما قد يؤثر على وضعنا الاقتصادي، من خلال قدرتنا، أو عدم قدرتنا، على الاقتراض الخارجي، مستقبلاً.
وكل ذلك يكتسب أهمية إضافية، في ظل الأزمة المالية لإمارة دبي، لأن العالم الخارجي قد يعمم بأن منطقة الخليج كلها غير مأمونة، ولا تراعي القوانين الدولية في تعاملاتها.
أخيراً، قد يقول قائل إن البنوك الخارجية تعاني من مشاكل مالية لا يتوقع معها أن تبقي على نفس نشاط الإقراض للاقتصاد السعودي، مثلما حدث خلال العشر سنوات الماضية، وهذا صحيح، ولكن ذات البنوك، عندما تبحث عن مشاريع لإقراضها، فكثير من مشاريعنا هي الأفضل للإقراض، وفي كل الحالات، لا يوجد مبرر لتخريب علاقتنا مع البنوك الخارجية، فنحن جزء متفاعل مع باقي العالم. فلا تدعوا العزة تأخذنا بالإثم
المشكله عندنا انعدام الشفافية !!
الشفافية دائما جيدة حتى لو لم يكن هناك مصلحة تتبعها أو تنتج عنها.... شكرا على المقال