عندما وقعت أزمة شركة دبي العالمية مسببة صدمة للأسواق الدولية كان السوق المالي السعودي مغلقا بسبب إجازة عيد الأضحى المبارك ومع بداية تطور الأخبار والتي ظهرت بعض جوانبها الإيجابية مما أشاع روح التفاؤل لإمكانية حلحلة الأزمة من خلال مقترح إعادة جدولة الديون كان السوق المالي يتأهب للافتتاح منتظرا تطمينات حول وضع قطاع المصارف حيال الأزمة خصوصا أن حجم الديون المطلوب سدادها 26 مليار دولار ليأتي تصريح معالي محافظ مؤسسة النقد مؤكدا من جديد سلامة النظام المصرفي وموضحا بالأرقام أن نسبة التعرض تصل إلى 2 بالألف من حجم الميزانية العمومية للمصارف المقدرة بحدود 1345 مليار ريال أي ما يعادل 2.7 مليار ريال.
مما كان له أثر إيجابي على أداء السوق باليومين الأولين معطيا إشارة أن الوضع مطمئن وواضح لكن السوق المالي بعد أن رحب بهذه التصريحات الرسمية معوضا تراجع باليوم الأول الذي كان بسيطا ومرتفعا باليوم الثاني يبدو انه اثر الاحتكام إلى المعطيات التفصيلة فالمحافظ تحدث عن النظام المصرفي لكن المتعاملين يريدون التفاصيل عن وضع المصارف بالتفصيل حتى يستطيعوا تقييم الأضرار بشكل دقيق ويحددوا موقفهم الاستثماري بناءً على أساسيات واضحة إلا أن إغفال المصارف لمسالة تقديم تفاصيل واضحة عن علاقتها بدبي العالمية قابلها المستثمرين بدءا من يوم الاثنين ببيوع على مكونات القطاع على مبدأ التحوط المبكر للمخاطر وهنا يطرح سؤال كبير لماذا أثرت المصارف الصمت مجددا فهي ليست المرة الأولى فسبقها مشكلة مجموعتي السعد والقصيبي التي نشأت وحلت للأولى دون أي إفصاح في مقابل تناقض آخر عندما ألزمت المؤسسة المصارف التصريح عن علاقتهم بالأزمة المالية العالمية بنهاية 2008م.
فإذا كان مبدأ السرية المصرفية يحترم خصوصيات العميل فان دبي العالمية هي من كشف أوراقه وأوضاعه الصعبة وبالتالي أصبحت البنوك في حل من الالتزام يمنهج سرية التعاملات وقد أعلنت البنوك الخليجية عن تعرضها لشركة دبي فيما بقيت مصارفنا دون حراك رغم أن الفارق بين مشكلة السعد والقصيبي ودبي العالمية أن محافظ مؤسسة النقد أعلن الأرقام بالتفصيل وما كان ينتظر هو المبادرة السريعة من البنوك لإيضاح الحقائق بشفافية.
فاليوم يعتبر غياب المعلومات عن واقع المصارف حيال الأزمة الحالية سببا جوهريا ورئيسيا بما تعرض له السوق من انخفاض أعاده لمستويات دون 6000 آلاف نقطة فلا أحد يعرف من هو الأكثر تضررا بقطاع المصارف وبالتالي يصبح البيع عشوائيا والسوق مرتع خصب للشائعات التي راجت خلال الأيام الحالية.
إن أزمة دبي كحال كل الأحداث الاقتصادية بالعالم منذ عامين بداية انطلاقة الأزمة الدولية لكن المشكلة الكبر هي أزمة الشفافية لدينا فهي التي تحتاج إلى حل حقيقي يساعد في استقرار أداء السوق المالي وإنارة الطريق أمام المستثمرين بشكل عام بما يخدم توجهاتهم الاستثمارية فالشفافية اليوم ليست منهج لتحقيق العدالة بل هي طوق النجاة والحلقة الأقوى للخروج من تداعيات الأزمة العالمية فبدونها لن تجد أي عون أو مساعدة مهما كان تاريخك حافل بالإنجازات.