اشرنا فى تقارير سابقه الى ان تحرك اسعار النفط لاعلى سوف تحرك قوى التضخم من مستوياتها المتدنيه ،وهو ما حدث فعلا حيث يعد هذا الاسبوع بحق هو اسبوع التضخم حيث تابعنا اسعار المنتجين والمستلكهين فى كثير من البلدان الهامه والمؤثره اقتصاديا. ونبدأ مع انجلتراوالتى تحركت فيها اسعار المستهلكين من مستوياتها الصفريه لتصل الى 0.2% خلال شهر اكتوبر الماضى ،وتعد هذه القراءه افضل ن التوقعات التى توقفت عند0.1%.
وكان الوضع مماثلا فى الاتحاد الاوروبى حيث تحركت اسعار المستهلكين من الصفر الى 0.2% لتؤكد ما جاء من انجلترا عن تحرك مستويات التضخم بعض الشىء لاعلى . اما فى الولايات المتحده الامريكيه فكانت النتائج كالتالى: ارتفعت اسعار المستهلكين خلال شهر اكتوبر الى 0.3% مقابل 0.2% كقراءه سابقه بينما كان مؤشر اسعار المستهلكين الجوهرى والذى يحذف من قائمته اسعار الوقود والغذاء مطابقا للتوقعات عند 0.2% . اما فى المانيا –اكبر دول الاتحاد الاوروبى- فتحركت اسعار المنتجين على اساس شهرى الى المستويات الصفريه بعد ان كانت سالبه عند -0.5% ،اما على اساس سنوى فظلت كما هى عند-7.6% دون تغيير.
وبالطبع من خلال تلك الارقام السابقه يتضح لنا ابتعاد هذه الاقتصادات عن دائره الانكماش قليلا ،لان عدم تحرك مستويات الاسعار من مناطقها السابقه يعنى حتما وبنسبه كبيره العوده الى الانكماش مع ضعف الانفاق الشخصى وارتفاع نسب البطاله . وربما كان حديث بن برنانكى هذا الاسبوع هاما،حيث اراد الرجل اعطاء بعض الثقه فى الدولار الامريكى الذى خارت قواه بشكل لافت خلال الفتره الماضيه. وكان حديث بن برنانكى عن الدولار مفاجئا للجميع حيث جرى العرف على ان الحديث عن الدولار وعن مشاكله يكون من مهام وزير الماليه،لكن ذلك ربما يلفت انتباهنا الى اهميه الوضع الحالى للدولار والذى لا يرضى الولايات المتحده نفسها،حيث انها تريد "دولارا" قويا كما قال برنانكى.
ورغم ان التفسير المقنع لهذا الامر بعيد عن ذلك تماما ،حيث ان تصريحات بن برنانكى جاءت متزامنه مع جوله اوباما داخل القاره الاسيويه وتحديدا الصين التى تعد اكبر مستثمر فى سندات الخزينه الامريكيه ،والتى بالطبع تتأثر سلبا بانخفاض الدولار المتواصل، بالاضافه الى رصيدها الكبير من احتياطى يتكون معظمه بالاساس من الدولار"بلغ احتياطى الصين من الدولار فى شهر سبتمبر الماضى 2279 مليار دولار". ولا نشك ان اهم النقاط التى اكد عليها اوباما هى اهميه رفع الصين لقيمه عملتها ،وهذه النقطه تحديدا تبرز جشع الولايات المتحده التى تريد عمله صينيه قويه وبالمقابل "دولارا" ضعيفا لان واقع الامر يقول ان لديها دولار ضعيف وهى تريده كذلك،رغم مزاعم بن برنانكى.
وتناقض الولايات المتحده ليس جديدا فبالامس القريب كانت تنادى مجموعه العشرين بضرورة نزع الحمائيه ولم تمض ايام قليله الا وفرضت رسوما على صادرات الصين اليها من الاطارات . وبالطبع فان الصينين ليسوا بالسذج حتى يقوموا برفع قيمه عملتهم ،فهم سيقوموا بعمل ما يتناسب مع مصالحهم ،لكن ذهاب اوباما الى الصين ربما يحمل دلاله اكبر من ذلك ،حيث اضحت الصين شريكا عالميا وفاعلا قويا فى الاقتصاد العالمى ،اضافه الى نسب النمو القويه التى اعلنتها الشهر الماضى والتى اظهرت تعافيا اقتصاديا اسرع من اوروبا والولايات المتحده نفسها. وكنا قد ذكرنا فى تقريرنا السابق ان مؤشر داو جونز فى حاجه الى تصحيح سعرى بعد وصوله الى 10300 ورغم ان هذا التصحيح لم يظهر فعليا للعلن ،رغم تأرجح وتذبذب تحرك المؤشر الامريكى وتحديدا بعد يوم الاثنين الماضى،الا اننا ومن خلال متابعتنا اليوميه بقينا على قناعه اننا سندخل نطاقا عرضيا بين 10300 الى 10500 ،وهو ماحدث فعلا حيث بقت الاغلاقا ت اليوميه داخل ذلك الحيز السعرى ،رغم سلبيه الاداء خلال يومى الجمعه والخميس والتى القت بظلالها على معظم اسواق العالم كما تابعنا.
ونحن لا نتوقع جديدا الا اذا تم تجاوز 10500 صعودا لاعلى او 10000 هبوطا ،حيث تظل الاسواق بلا جديد اذا لم تتحرك من داخل النطاق المذكور سلفا. اما بالنسبه لاسعار الذهب والتى تجاوزت 1150 دولار عندما سجلت 1152.8 فانها تدخل تحت نفس النطاق العرضى بعد ان حققت تقريبا مستهدف 1155 والذى حددناه منذ فتره. ويبقى مستهدفها الابعد عند 1300 قائما ويبقى تصحيحها السعرى اقرب للحدوث رغم شطحات الذهب التى لا تعرف وقتا محددا. ولا جديد لدى البترول ،والذى اقتنعنا تماما انه يتحرك ابطأ من الاخرين لكنه يبقى بلا جديد طالما لم يغلق فوق 80 دولار ويظل ضعفه اوضح من قوته فى المنظور القريب.
وربما يتساءل البعض عن انتهاء الازمه الماليه وانقشاعها بلا رجعه ام ان الامر لا يمثل سوى رد فعل للسيوله الكبيره وخطط التحفيز التى تم ضخها داخل الاسواق؟؟؟ وربما كان تصريح مريدت ويتنى لراديو بلومبرج والتى تعد من المحللين الماليين المعروفين داخل الولايات المتحده عندما قالت : "ان الناس ينتظرون شيئا عظيما خلال القادم ،لكننى ارى انهم سيحبطوا"فى اشاره الى التخوف من وضع البنوك الامريكيه. ونحن نرى ان الازمه كانت ولا تزال اكبر من توصيفات الخبراء الذين تضاربت ارائهم حولها ،ففى بدايتها كان لهم كلاما وبعد شهر او اثنين كان لهم كلاما اخر ،وبعد فتره اختلف الامر تماما ونحن على قناعه ان الولايات المتحده قد انهت دورتها الاقتصاديه الصاعده –حسب موجات اليوت- فى نهايه عام 1999 والتى بدأتها فى مطلع القرن الثامن عشر وهى قد دخلت موجتها التصحيحيه منذ بدايات الالفيه الجديده ،ولا بد من انتقال دفه القياده الى حضاره اخرى وشعب آخر تماما. وهذا لن يحدث بين عيشه وضحاها انما سيأخذ سنوات ،ولاننا نتابع الاحداث يوما بيوم فلن نستشعر ذلك بالطبع.
ومن هذا المنطلق لايمكننا القول ان الازمه قد انتهت بلا رجعه ،فبين موجات الصعود المتتاليه وموجات الهبوط المتتاليه توجد موجات تصحيحيه لاعلى ولاسفل ويعلم هذا الامر جيدا من درس موجات اليوت وفهمها ومن درس الدورات الاقتصاديه واستوعبها،وتبقى الازمه بدايه النهايه للرياده الاقتصاديه الامريكيه والتى سنخصص لها موضوعا مستقلا باذن الله تعالى ودمتم بخير
بارك الله فيك اخي خالد ... الأزمة العالمية فوق مستوى الجميع ولا يمكن لأحد ان يعطي عنها تصورات دقيقه وهذا ملاحظ في كلام المحللين والذي يتبدل كل ثلاثة اشهر!! لازالت الأزمة مستمره والسياسات والتدابير التي اتخذتها الحكومة منذ بدء الازمة وحتى الآن لدعم الاقتصادات المحلية ستظهر نتائجها السيئه بعد فترة من توقف الدعم و لايمكن لاحد ان يتنباء بوضع الاقتصاد العالمي المستقبلي