بعد توصل المصارف السعودية إلى اتفاق مع مجموعة سعد على عمل تسوية تهدف إلى إنهاء قضية القروض المتعثرة على المجموعة، يلفت انتباهنا أن هذا الاتفاق تضمن عبارة «تسوية» ولم يتضمن عبارات أخرى مثل «تغطية» أو «سداد» مما يدل على وجود تنازلات من كلا الطرفين للخروج من هذا الوضع الصعب بأقل الخسائر الممكنة، وهو بلا شك تصرف حكيم يمثل حلاً مرضياً للجميع في ظل الظروف الحالية.
قياساً على هذه التسوية، فقد قبلت المصارف ببعض الخسائر المحدودة التي نعتقد أنها لا تتجاوز نسبة 15 في المائة من قيمة القروض المتعثرة على أن يتم انتقال الأصول المملوكة لمجموعة سعد من الأسهم والعقارات (وعلى رأسها نحو 70.2 مليون سهم لمجموعة سامبا المالية) بقيمتها العادلة إلى ملكية المصارف الدائنة، وبالتالي تقاسمت المصارف أصول المجموعة اعتبارا من تاريخ التسوية حيث تملكت المصارف التقليدية أسهم سامبا فيما تملكت المصارف الإسلامية باقي الأصول من العقارات والأسهم المتوافقة مع الشريعة. ما يهمنا هنا هو أن التسوية حددت السعر العادل لسهم سامبا بما بين 44 - 47 ريالا للسهم الواحد، إلا أنه عند الإعلان عن هذه التسوية كان من الطبيعي أن نشاهد ارتفاعات قوية للسهم إن كان من المؤسسات الاستثمارية التي اطلعت على مثل هذه الأخبار أو من المصارف التقليدية نفسها وكانت النتيجة أن تم إغلاق سهم سامبا في نهاية الربع الثالث على سعر 59.5 ريال وهو ما يعني ارتفاعا بأكثر من 26 في المائة من سعر التسوية وهي نسبة كافية لتغطية خسائر المصارف التقليدية من هذه التسوية، بل وتسجيل بعض الأرباح غير المحققة خلال شهر أيلول (سبتمبر) الماضي. ويبقى التساؤل مطروحاً: هل نستطيع القول الآن إن المصارف أغلقت نهائياً ملف القروض المتعثرة الخاصة بمجموعة سعد؟ للإجابة عن هذا التساؤل يجب أن نضع في اعتبارنا أن المصارف يجب عليها الآن تصفية الأصول التي حصلت عليها بصفة استثنائية من خلال التسوية كما يجب أن نضع في اعتبارنا أن السعر السوقي لسهم سامبا انخفض عن المستوى الذي كان عليه في نهاية الربع الثالث، وبالتالي في ظل هذه الظروف من المتوقع أن تقوم المصارف ببيع الأصول بخصم عن قيمتها العادلة وقد تحقق بعض الخسائر نتيجة لذلك إلا أن المهم أن ذلك قد يجبر المصارف التقليدية مستقبلاً على تكوين مخصصات ائتمانية وهو ما يعني العودة من جديد إلى نقطة الصفر.