بقلم: خالد المناصرة. وُجدت الحاجة إلى سوق تبادل العملات مع خلق الإنسان. فكان الناس يتاجرون عملتهم دائما مقابل أشياء أخرى، ولكن عملتهم لم تكن قطع معدنية أو أوراق نقدية، وإنما كانت في شكل بضائع أو حيوانات أو موارد طبيعية أخرى. ولكن منذ أن وجدت الأموال بصورتها الحالية، أصبح الناس يتاجرون عملاتهم مقابل عملات أخرى. إذا عدنا بالذاكرة إلى الوراء إلى بداية العصور الحديثة، لوجدنا أن المؤسسات المالية العالمية الكبرى بدأت في متاجرة عملات الدول المختلفة بين بعضها البعض. بعدئذ، وفي منتصف سبعينيات القرن الماضي، ولد قطاع التجزئة بسوق الفوركس، ما سمح للاعبين غير التجاريين بالمتاجرة بالفوركس. إلا أن التغير الأكثر تأثيرا بصناعة الفوركس كان عام 1996 مع إطلاق تجارة الفوركس عالميا عبر الانترنت.
وإلى الآن، فإن عالم الفوركس عبر الانترنت ينمو بصورة سريعة جدا، ويفتتح وسطاء جدد أعمالهم كل يوم. ولكن من المؤسف، وقد كتبت عن ذلك في مناسبات عدة، أن صناعة الفوركس تتجه إلى المسار الخطأ بالنظر إلى سمعتها، حتى ان البعض يضعها في نفس الصف مع ألعاب القمار (أنظروا مقال: الفوركس والقمار: خمسة أسباب يجعلونهما مختلفين). إذا سألت أي شخص لا يعرف شيئا عن الفوركس عن إنطباعه عن السوق، فالإحتمال الأكبر أن الإجابة سوف تتعلق بالطبيعة العشوائية للعديد من شركات الفوركس.
على الرغم من الإحتمالات المتعددة وخيار كسب الأرباح الهائلة التي يقدمها سوق الفوركس، فالخطر كبير بالقدر نفسه إذا لم تكن حذرا. إذن، كيف يستفيد المرء من جميع مميزات الفوركس بدون أن يصير واحد من الذين يخسرون كل شيء بإحصائيات سوق الفوركس؟
فيما يلي خمس خطوات أساسية للتأكد من أنك سوف تكون قادرا على جني أرباح بسوق يوصف بأنه أكبر من سوق الأسهم والسندات مجتمعين، حتى الآن:
1. تجاهل الدعاية
من المريح للبال أن تجذبك أساليب الدعاية المنتشرة بالفوركس، وأن تستهويك فكرة جني الملايين بصفقة واحدة. بالنظر إلى جميع الظروف فإن هذا ما يروجه جميع وسطاء الفوركس في كل مناسبة. تجاهل كل هذا، ليس أي منها صحيح. والآن، ولكن لا تسيء فهمي، من الممكن أن تصيب ثروة أو غنى بسوق الفوركس، ولكن إحتمال تحقيق ذلك بدون تعلم ولا تحضير ولا صبر مشابه للفوز باليانصيب. قد يحدث ذلك، ولكنه بعيد الإحتمال. ادخل السوق بفكر متزن ومسئول، حدد أهدافك واعمل على تحقيقها. لا تلتفت إلى الثرثرة، فسوف تضرك فقط على المدى البعيد.
2. تخل عن العطلة
من المحتمل الآن أنك تقول في نفسك "وما دخل عطلتي بالفوركس، ولمَ يجب علىّ أن أتخل عنها؟" ما أعنيه هو التالي. قبل أن تخاطر بسنت واحد بسوق الفوركس، تأكد من أنه يمكنك المخاطرة بهذا السنت. تاجر بأموال يمكنك أن تنفقها في عطلتك، تأكد من أن التخلي عن هذه العطلة لن تؤثر عليك سلبا، واستثمر أموال عطلتك بسوق الفوركس. لا تتاجر مطلقا تحت أي ظرف من الظروف بأموال تحتاجها لإطعام عائلتك او لتعيش بها وتستثمرها بسوق الفوركس. ففي نهاية اليوم، كما أننا لا نحب أن نعترف بهذا، فإن 90% من صفقاتنا تنهي إلى خسارة. إذا تاجرت بأموال لا تستطيع تحمل خسارتها، فأنت لن تحترق بسوق الفوركس ولن تدخله مجددا فحسب، ولكن سوف يكون له تأثير مدمر على حياتك، ومن الممكن أن يسبب ضررا لا يمكن تدراكه. إذن، لو كنت تفكر في الدخول بهذا السوق الهائل، تاجر بأموال يمكنك العيش من دونها، ودّعها وابدأ المتاجرة. إذا اتبعت هذه الخطوات، فسوف تعةد إليك أموالك مرة ثانية.
3. اقرأ وانصت وتعلم
لا يمكنني أن أؤكد على أهمية هذه الخطوة بالدرجة الكافية. هل تملك الجرأة لتشتري منزلا بدون أن تضع في إعتبارك قيمته الشرائية أو من هم جيرانك أو البنية التحتية للبناء؟ بالطبع لا. وعلى نفس الشاكلة، فإنه من الحمق والغباء المطلق أن تدخل هذا السوق المتقلب والخطير بدون البحث المكثف. يشتمل هذا على جميع أشكال السوق، فعلى سبيل المثال، أوصي بقراءة دروس الفوركس خطوة بخطوة. كما وأوصى بشدة بأن تنصت إلى ما يقوله المتاجرون الآخرون، استمع إلى ما يقولونه عن أفضل ممارسات المتاجرة، استمع إلى ما يقولونه عن خدمات وأدوات الفوركس الأفضل، استمع إلى ما يقولونه عن السبيل الأكثر تأثيرا للتنبؤ بتحركات السوق التالية. بالإضافة إلى هذا، تعلم كيف تقرأ الجداول وكيف تفهم اخبار الفوركس والأهم من ذلك هو أن تعرف نقاط ضعفك وقوتك وكيف تستفيد منها أو تتغلب عليها.
4. استخدم أكثر من سلة لبيضك
خدعة جيدة للنجاح بسوق الفوركس، إذا أمكننا أن نطلق هذه التسمية، هي ألا تضع بيضك كله بسلة واحدة. استكمالا لما قلته عن تجاهل الدعاية، لا تستخدم أكثر من نسبة محددة من أصولك الإجمالية بالصفقة الواحدة. النسبة الدقيقة خاضعة للجدال وأنا لن أضرب أرقاما هنا، ولكن أي رقم تختاره، ضع في اعتبارك الخسارة، وفكر إلى أين يؤدي هذا بحسابك إذا خسرت فعلا صفقتك. تاجر بالكثير من الصفقات الصغيرة، استخدم نقاط وقف الخسارة Stop Losses، ونقاط جني الربح Take Profits، ولا تكن جشعا، ولا تحاول تعويض خسارتك تحت أي ظرف من لظروف. إذا خسرت، تقبل هذا. لا تمدد نقاط وقف الخسارة معتقدا بأن السوق سوف يرتد، فهو عادة لا يفعل. الإتجاه صديقك، حتى يحدث العكس، عنئذ يصبح أسوأ أعدائك. من جهة أخرى، المتاجرة بعملة واحدة ليست ممارسة مفضلة، فالدولار الأمريكي لم يعد الملاذ الآمن بسوق الفوركس منذ وقت طويل، ونحن جميعا نعرف هذا، إذن، فإن الفكرة الأفضل هي تمديد وتوزيع مخاطرك بأكثر من عملة واكثر من صفقة.
5. لا تدع عواطفك تسيطر على عقلك
لقد أشرت إلى هذا من قبل عندما قلت بألا تكن جشعا، ولكنها نقطة مهمة جدا يجب التأكيد عليها. أحد أهم نقاط قوة الفوركس ومميزاته هي أنه لا يمكن لأي شخص أو مؤسسة بصرف النظر عن حجم حسابه بالبنك، أن يؤثر فعلا على السوق، فهو كبير جدا. على الجانب الآخر، بصرف النظر عن أن اليوم يوم سعدك، لا تتلهف أو تثيرك صفقاتك، فمن الممكن أن ترتد بأي لحظة. أن تسلم نجاحك بالفوركس إلى عواطفك سوف يؤثر بالطبع تأثير كبيرا على فلسفتك بالمتاجرة ومن الممكن أن يسبب لك مخاطر قد لا تجابهها إذا لم تدع عواطفك تسيطر عليك. تكفيك خطوة واحدة كل مرة، كن ممتنا لصفقاتك الناجحة، وأفضل نصيحة هي الإستمرار بما تفعله. التزم بالخطة، نفذ استراتيجيتك للنهاية، بصرف النظر عما يخبرك به حدسك من تحريك نقاط جني الربح أو تمديد نقاط وقف الخسارة.
الفوركس سوق هائل، ويقدم عوائد كبيرة وسريعة على الصفقات، كل هذا صحيح. ولكن، إذا لم تكن دارسا لصفقاتك وكانت مبنية على الغرائز، فمن المؤكد أن اسمك سوف يكون ضمن غالبية متاجري الفوركس الذين خسروا كل شيء وبسرعة. على الجانب الآخر، إذا تصرفت بمسئولية، بنفس الطريقة التي تتصرف بها في مجالات الحياة الأخر، وخاطبت سوق الفوركس بنفس الطريقة التي تشتري بها سيارة أو منزلا جديدا، فسوف تعلم سريعا أن الإحتمالات التي يقدمها سوق الفوركس لا نهاية لها تقريبا.