للشعراء تصنيف حدده شاعر ساخر بأربعة أنواع، عندما قال:- الشعراء فاعلمن أربعة شاعر يجري ولا يجري معه وشاعر يخوض وسط المعمعة وشاعر لا تشتهي أن تسمعه وشاعر لا تستحي أن تصفعه
تذكرت ذلك وأنا أقرأ لبعض الكتاب في الشأن الاقتصادي، وبدون ذكر أسماء، فبالتأكيد هناك كتابٌ مميزون، يسعد الإنسان بالقراءة لهم، لأنهم يلامسون الهم الاقتصادي بشكل، وأسلوب جيد، مستفيدين، من هامش التسامح المتنامي في صحافتنا. ولكن هناك كتابا آخرين، يخسرون القارئ، لأحد الأسباب التالية:-
1- هناك كتاب يخطئون في جذب القارئ، وذلك عندما يضعون كامل فكرة المقال في العنوان، ومن ثم لا يشعر القارئ بالحاجة لقراءة المقال، ومثال على ذلك أن يكون المقال عن نقص عدد فروع البنوك، ومن ثم يكون عنوان المقال: "لماذا لا يزاد عدد فروع البنوك؟"
2- حالة أخرى هي أن يتعالى الكاتب على قرائه، ويركز في مقاله على مواضيع ليست ذات أهمية للقارئ، إلا إن كان متخصصاً، وهم قلة، كأن يكون الموضوع عن متطلبات مؤتمر بازل للملاءة المالية للبنوك، ومدى التزام البنوك السعودية بتلك المتطلبات. وعامة القراء يثقون بأن البنوك السعودية ذات ملاءة عالية، وان مؤسسة النقد السعودي تتابع هذه الأمور عن كثب، ومن ثم لا يمثل الموضوع قضية مهمة للقراء، مقارنة بباقي همومهم اليومية كالتضخم، والبطالة... إلخ.
3- مثال ثالث هو أن يدبج كاتبٌ، مقالاً عن أداء إحدى الشركات المساهمة، ولنقل الزراعية مثلاً، ويملأ المقال بتفاصيل أداء الشركة التاريخي، وإحصائياتها، لكي ينتهي بسؤال: "لماذا لا تنوع الشركة إنتاجها، بعيداً عن القمح؟!" وهنا يبرز السؤال، هل ذلك السؤال المحدود، والمباشر، يستحق مقالاً كاملاً، محشوا بأرقام لا علاقة لها بالموضوع؟!
النتيجة النهائية لكل ذلك، أننا في صحافتنا نفتقد إلى الكتابة الاقتصادية المهنية المحترفة، التي تلامس همومنا الاقتصادية، وما أكثرها، ولكننا ما زلنا نراهن على الجهد التطوعي، لمن هم غير متفرغين. ومن أهم أسباب ذلك النقص، هو أن مؤسساتنا الصحفية، وبرغم الأرباح الخيالية التي تحققها لمساهميها القلّة، لا تستثمر في تطوير قدراتها الصحفية الاقتصادية، ولا تصرف لجذب مهنيين، متخصصين في الجانب الاقتصادي.
الشعراء محظوظون لأنهم حصلوا على تصنيف ما، ولكن كتابنا الاقتصاديين، ما زالوا هائمين على وجوههم، يبحثون عن تصنيف لهم، ولم يجدوه حتى الآن، حتى ولو كان تصنيفاً ساخراً!!