رواتب القطاع الخاص.. مساحة بلا حدود!

03/09/2012 8
سعود الأحمد

عندما نتحدث عن التفاوت في رواتب المديرين التنفيذيين بالقطاع الخاص، فإن المشكلة ليست حصرا على السعودية أو الدول الخليجية... لكنها ظاهرة عالمية يعاني منها مختلف قطاع المال والأعمال! وأعتقد أن سببها يعود إلى غياب آليات تحقيق مبدأ العدالة! نعم يوجد هناك رغبة معلنة لتحقيق هذا المبدأ على مختلف المستويات، لكن برامج وآليات تحقيق ذلك لم تحقق الهدف! وعندما نقول: إن المشكلة عالمية، فإن لذلك ما يؤكده من صراعات معلنة في بيئات العمل بالدول المتقدمة، على مستوى القيادات التنفيذية والهيئات والمنظمات الشعبية والحقوقية. فقبل قرابة أربعة أشهر نشب خلاف بين جبهة مؤلفة من مساهمين وموظفين ومنظمات شعبية في مواجهة جبهة الإدارة التنفيذية وبعض الأقطاب في بنك «سيتي غروب» الأميركي، حول مرتب الرئيس التنفيذي للبنك السيد «فيكرام بانديت» البالغ (15) مليون دولار. فقد صوت 55% في اجتماع الجمعية العمومية ضد قرار التجديد للسيد «بانديت»! وكان منبع هذا الخلاف أنه لا يوجد مبرر لتحمل البنك مثل هذه المصاريف. بمعنى أنه ليس هناك أساس لهذا الرفع المبالغ فيه لمرتب «بانديت»، وهنا مربط الفرس! وكنت قد كتبت عن ضخامة رواتب المديرين التنفيذيين في القطاع الخاص، ليس من منطلق كبرها أو صغرها... ولكن من منطلق عدم وجود معايير أو مقاييس تؤطر هذا الأمر! وأعرف أنه كان لمقالي وقعه السلبي على بعض الزملاء في القطاع، ولاحظته على وجوه من يتعارض مع مصالحهم ممن قابلتهم في بعض المناسبات! ولعل من أسباب تفاقم المشكلة، أن رواتب الحكومة يحددها موظفون سعوديون يقيسون الأمور بناء على معايير محلية، في حين يحدد رواتب موظفي القطاع الخاص أجانب (خواجات) يقيسون المحددات بناء على معطيات ومقاييس دولية.. وعليك حساب عوامل المتغيرات في ذلك! وسبب آخر أن بيوت الخبرة التي تتعاقد مع الموظفين والمهنيين والخبراء والمديرين التنفيذيين كلما زادت الرواتب زادت عمولاتهم! الشاهد.. هو أن مسألة تحديد الرواتب تحتاج إلى إعادة نظر. خصوصا إذا قارنا رواتب موظفي القطاع الخاص برواتب موظفي الحكومة، فموظف الحكومة مهما بلغ مرتبه والمميزات التي يحصل عليها، فإنه لن يصل إلى دخل نظيره بالقطاع الخاص! ولا تصدقوا (مقولة) أن موظف القطاع الخاص يعمل أكثر أو ينتج أكثر أو أنه أكفأ من موظف الحكومة، فبعض موظفي الحكومة يحمل مؤهلات من جامعات أعلى مستوى مما يحمله موظفو القطاع الخاص ويعمل ساعات أطول. وتراه لا يهنأ له عيش بسبب الوظيفة، ومتأهبا في كل لحظة للاستجابة لأي خدمة (حتى في الإجازات الأسبوعية والأعياد وفي ساعات متأخرة من الليل وحتى في إجازاته الرسمية). في حين تجد موظف القطاع الخاص يقدس الإجازة والتخلي عن أي صلة بعمله أثناء تمتعه بإجازته السنوية وبقية الإجازات الرسمية! وأقرب مثال على ذلك رؤساء الأجهزة الحكومية والعاملون بمكاتبهم، وهذه على صفة العموم وليست في جهاز حكومي دون آخر! بل إن وظيفة القطاع الخاص تمنح حرية أكبر للتحرك في إصدار القرارات الإدارية، بعكس وظيفة الحكومة كلما أراد المسؤول التنفيذي أن يصدر قرارا وجد أمامه محددات ومعوقات تعيق تحركاته! وانظر إلى دخل مديري الحكومة وقارنه بدخل مديري الشركات، وقارن بين متاعبهم والضغوط التي تواجههم، وستجد الميزة لمديري القطاع الخاص. وليس هذا فحسب، بل إن مرتب رئيس الجهاز الحكومي (إذا اعتبرناه الوزير مثلا) وحتى نائبه، وبحكم أنه لا يستحق (بموجب النظام) أي مكافآت عن العمل الإضافي أو بأيام الخميس والجمع والأعياد (ولا أدري لماذا.. وهذه مفارقة عجيبة!)، لا يصل إلى مرتب أقل مدير مكتب عندما تضاف له هذه المكافآت! والخلاصة.. هي أن قضية رواتب المديرين التنفيذيين في القطاع الخاص تقود إلى أهمية بحث هذا التفاوت فيما بينهم والتفاوت بين مختلف المناصب في القطاع العام.. تحقيقا لمبدأ عدالة توزيع الدخل بما يتماشى مع المجهود والمساهمة في تحقيق مصالح ملاك المنشآت المالية.