حمل تقرير صدر في صحيفة فايننشال تايمز عنوانا مدويا إن المملكة تسيطر على أسعار النفط من خلال قدرتها الإنتاجية العالية التي تصل إلى 12.5 مليون برميل بينما تنتج حاليا 8.3 مليون برميل وتحتفظ بالباقي كطاقة احتياطية واعتبرت إن هذا الاحتياطي يشكل 90 بالمائة من الطاقة العالمية بينما نسيت أن هناك إنتاج يتم لصالح السوق المحلي يصل إلى قرابة 2.8 مليون برميل يذهب للاستهلاك العام وكذلك لمد مشاريع الصناعات البتروكيماوية أيضا ومختلف الاحتياجات بمعنى أن الاحتياطي المتبقي لمد الأسواق العالمية لا يتعدى مليوني برميل يومياً.
بينما ركز التقرير في جانب آخر على حجم الاستثمارات التي قررت حكومة المملكة ضخها لتطوير قطاع الطاقة وإنتاجها على مدى خمس أعوام قادمة والذي قدرته بحدود 100 مليار دولار واعتبرت أن المملكة لا تنتظر جني الأرباح فورا بل إن ارتفاعا بأسعار النفط متوقعا مستقبلا كفيل بعودتها كاستثمار آمن ومضمون ولكن في حقيقة الأمر إن هذا يحسب للمملكة وليس عليها فهي تحاول دائما أن تطمئن الأسواق بأنها تريد تقديم المساهمة الفاعلة بخلق الاستقرار للأسعار والإمدادات دائما من خلال رفع الطاقة الإنتاجية بالشكل الذي يسهم بمواكبة توقعات ارتفاع الطلب عالميا منطلقة من دورها الإيجابي الذي تسعى دائما للعبه بالاقتصاد العالمي خصوصا وأنها عضو في مجموعة العشرين التي تحمل على كاهلها إنقاذ اقتصاد العالم من الأزمة المالية الخانقة التي أحاطت به.
وإذا كان للمملكة دور في صناعة النفط فهذا حقها الطبيعي فالثروة هبة من الخالق عز وجل ولا فضل لأحد فيها أما ما تقدمه المملكة للعالم فهو محل فخر واعتزاز لان هناك دائما سياسة حكيمة اتبعتها المملكة سابقا وتتبعها حاليا بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمساهمة بإبقاء أسعار النفط ضمن حدود سعرية تناسب المنتجين والمستهلكين على حد سواء وقد ذكر الملك المفدى في أكثر من مناسبة أن المملكة لا تتدخل بالأسعار فمعروف أن العرض والطلب هما سيدا الموقف بالأسواق العالمية وقد حاولت المملكة دائما تقديم كل التطمينات قولا وعملا لأسواق النفط حتى تقلل من تذبذباتها الحادة التي فرضتها عوامل المضاربة والضرائب والتي هي نتاج عمل المؤسسات المالية العالمية وهذا ما أثبتته المرحلة السابقة من العام 2008 عندما ارتفع النفط إلى 147 دولارا وهوى خلال ثلاثة أشهر تقريبا إلى 33 دولارا في أكبر برهان ودليل قاطع على عبث تلك المؤسسات بحركة الأسواق والتي اقتنعت أخيرا الدول التي تنتمي لها تلك المؤسسات بدورها السلبي وتحاول الآن فرض رقابة عليها.
وللمملكة مساهمة أخرى انبرت لها باستضافة منتدى للطاقة وجمعت المنتجين والمستهلكين للتباحث في شؤون النفط ولم يعد لدى المستهلكين حجج يسوقونها على شعوبهم بعد أن اتضحت الرؤية وعرف المتسبب بالعبث في الأسعار.
ولم تقف المملكة عند ذلك وحسب بل فكرت بالشعوب الفقيرة وطرحت وضعهم على سلم الأولويات بكل المناسبات الدولية وقدمت مساعدات كبيرة لتقليل اثر ارتفاع أسعار النفط عليهم ودعمت مشاريع تنموية كبيرة كبرنامج الغذاء العالمي بجل احتياجاته حيث قدمت 500 مليون دولار له في بادرة تدل على معرفة المملكة بمسؤولياتها وتحملها لها بينما نجد أن الدول المتقدمة كانت تتسابق لإنتاج الوقود الحيوي من خلال استخدام المحاصيل الزراعية بإنتاجه متناسية ضرر ذلك على الشعوب الفقيرة وتجويعها.
كما أن ما فات معد تقرير فايننشال تايمز أن ينظر بعين واسعة إلى من يستهلك النفط وما هو الدور الذي لعبه حيال تامين إمدادات الطاقة فالمناطق المتوترة يعرف الجميع من المتسبب فيها وكذلك لا ننسى الأزمة المالية من أوجدها ومن صنعها بيده نتيجة حالة الفلتان التي كانت تعتري أسواقهم بالغرب واليوم نجد أن هناك من يريد أن يغمز بعين إلى جوانب لطالما حاولوا تمريرها أمام شعوبهم من أن دول العالم الثالث قد يصبح لها نفوذ في قرار قوتكم من باب دس السم بالعسل.
ولكن في واقع الأمر إن المملكة كانت ومازالت صاحبة المواقف الإيجابية والساعية دائما إلى تقديم كل ما من شأنه خدمة العالم بشتى المجالات وخصوصا الاقتصادي منها حيث لا تخرج التطمينات حول مستقبل صناعة النفط ووفرة الإمدادات إلا من الرياض وتتوسع المملكة بإنتاجها وفق خطط ممنهجة أبهرتهم قبل غيرهم ولطالما اختارت التوقيت الصحيح لاستثماراتها في هذا المجال وغيره وإذا كان التقرير قد تضمن أن السعودية قد تصبح البنك المركزي العالمي للنفط فاعتقد أن على العالم أن يسعد لذلك كثيرا لأنها مؤشر واضح على استقرار الأسعار والإمدادات بالشكل المثالي الذي يخدم البشرية فرسالة المملكة للعالم إنسانية قبل كل شيء والله لا يضيع أجر المحسنين.