ثار العديد من الاستفسارات والكثير من الجدل عقب زيارة وفد صندوق النقد الدولى لمصر لاقرار القرض المقترح منذ حكومة د . كمال الجنزورى السابقة ..!! والذى ارتفع من 3.2 مليار دولار الى 4.8 مليار دولار فى عهد حكومة د . هشام قنديل ..!!
ولعل هذا الجدل والكثير من الاثارة يرجع الى ان العديدين من القوى السياسية وخاصة تيار الاسلاميين فى عهد الحكومة السابقة قد رفضوا هذا القرض لاسباب عديدة منها انه قرض ربوى وكيف بدولة يتربع على كرسى الرئاسة ممن ينتمى الى التيار الاسلامى من يوافق على هذا القرض الربوى بالاضافة الى العديد من الاسباب الاخرى مثل التخوف من ان يملى الصندوق شروطه وارائه على الدولة المقترضة والتى لا تتوافق مع مبادىء العدالة الاجتماعية التى يسعى اليها الثوار ابان ثورة 25 يناير حيث غالبا ما يشترط الصندوق تحرير الاسعار وتعويم العملة وتخفيض الدعم الحكومى وكلها شروط تصب فى خانة رفع الاسعار وبالتالى الى تزايد عوامل مضادة للعدالة الاجتماعية المنشودة وخاصة فى هذا الوقت الذى يعانى فيه الاقتصاد المصرى من اوجاع ومشاكل وهو ما يثير الكثير من الرفض الشعبى ويتزايد هذا الرفض نظرا لانه من المعروف مسبقا تشدد الصندوق فى شروطه ومعاييره التى لايتنازل عنها بسهولة وخاصة ازاء الدول النامية ولا يلتفت الصندوق الى نواحى العدالة الاجتماعية بصورة كافية ..!!
اضف الى ذلك الى ان هناك طلبات اخرى للصندوق وهى الاصلاح الاقتصادى لمصر الذى يعانى مثل تخفيض عجز الميزانية المتزايد بصورة كبيرة وخفض الدعم لوصوله ارقاما رهيبة وتخفيض الانفاق الحكومى والعديد من الشروط ..!!
مما سبق نعنى ان هذا القرض يقع بين مطرقة رفض الشارع المصرى وسندان شروط الصندوق ومعاييره التى قد يصفها البعض بالمجحفة..!!
ولعل هذا الاختلاف بين طرفين هامين وهما الشارع المصرى والصندوق يلقى بظلاله بين الاقتصاديين المصريين بين موافق ومعارض حيث يرى البعض اننا نحتاج الى الى تنفيذ حزمة من الاصلاحات الاقتصادية بصرف النظر عن انها طلبات للصندوق مثل تخفيض عجز الميزانية ووضع سياسة مرنة لسعر الصرف وتخفيض للدعم وخاصة الذى يذهب – بصورة كبيرة – الى غير مستحقيه وخاصة دعم الطاقة المبالغ فيه ..!!
ويرى هؤلاء الاقتصاديون الى ان حصول مصر على القرض بمثابة شهادة بنجاح الاقتصاد المصرى فى خطواته نحو التعافى والانطلاق..!!
وعلى الطرف الاخر يرى المعارضون من الاقتصاديين الى هناك العديد من الوسائل والطرق لتجنب تلك الشروط والمعايير القاسية من قبل الصندوق وسيئة السمعة كما اسلفنا وان مصر فى هذه المرحلة وخاصة بعد الثورة تحتاج الى حلول غير تقليدية وينبغى على حكومة الثورة اللجوء الى هذه الحلول غير التقليدية لترتفع وتسمو الافكار والحلول الى مصر الثورة وان اللجوء لحلول تقليدية يعنى ان هذه الحكومة لا تفهم وتستوعب افكار الثورة ولا تعبر عنها ..!!
وقد اقترحت تلك تلك القوى والاحزاب المعارضة لهذا القرض العديد من الافكار والمقترحات للاستغناء عن هذا القرض والدخول فى دهاليز تبعات الانصياع لشروط ومعايير صندوق النقد الدولى ...!!
واقترحت الاخذ باقتراح فرض ضريبه التحرير علي الثروه بقيمه ١٠% علي الثروات التي تجاوزت ٥٠ مليون جنيه علي ان تحصل مره واحده في حياه الممول، وان مثل هذه الضريبه ستحقق حصيله سريعه ومؤكده للدوله، ولن تؤثر علي النشاط الانتاجي، وسيتحملها الاكثر ثراء علي الاطلاق دون ان يكون لها انعكاس يذكر علي قواعد المواطنين العريضه، وتعجب تلك الاحزاب من عدم دراسه هذا المقترح قائلة: "مما يثير التساؤل ان مثل هذه الاقتراح لم يحظ باي دراسه او تقييم من جانب الحكومه رغم انه نابع من احد كبار رجال الاعمال في مصر، ورئيس مجلس اداره احدي اكبر شركات المعاملات الماليه في الشرق الاوسط".
وكان رابع البدائل للاقتراض هو مراجعه واعاده تقييم عقود تصدير الغاز الطبيعي،والتي وقعت في ظروف تفتقر للحد الادني من الشفافيه والمحاسبه في عهد النظام السابق الاستبدادي والفاسد، واضافوا انه قد قدرت مصادر مستقله الخسائر التي منيت بها الخزانه العامه المصريه جراء التعاقدات المجحفه وغير المتزنه لصالح الشركات الاجنبيه والمستوردين في حالتي الاردن واسبانيا فحسب بحوالي عشره مليارات دولار بين ٢٠٠٥ و٢٠١٠ اي بواقع ملياري دولار سنوياً، مقسمه الي ٦ مليارات خسائر من التصدير لاسبانيا و٣٫٨ مليار من التصدير للاردن.
واقترحوا فرض ضريبه علي التوزيعات النقديه مماثله لتلك المفروضه علي الدخل لزياده الايرادات الضريبيه الحكوميه، مع تفعيل الضريبه العقاريه علي الاغنياء مما يخدم ترشيد الاسكان الترفي واسعار العقارات وفي نفس الوقت يضخ مابين 3 و 4 مليارات جنيه سنويًا للموازنه يدفع معظمها قاطنوا الاسكان المترف في المجمعات السكنيه الفاخره علي اطراف القاهره وملاك المنتجعات السياحيه في الساحل الشمالي.
وقائمة المقترحات طويلة وكل يرى من منظوره امكانية الاستغناء عن قرض الصندوق المثير للجدل ..!!
ومن العجيب والملفت للنظر ان حالة الاختلاف تلك سرت بين قيادات وكوادر نفس التيار فنرى بعض القيادات فى حزب الحرية والعدالة تقف الى القرض بصورة قوية جدا وترى انه فى صالح مصر وسيكون مجيرا للحكومة الجديدة حتى ثار عليهم بعض قيادات حزب الكرامة وقالوا ساخرين انه يشعرنا بان صندوق النقد وكانه جمعية خيرية ...!!
بينما بعض القيادات فى نفس حزب الحرية والعدالة سمته القرض المشئوم وناشدت الرئيس الدكتور محمد مرسى رفض القرض شكلا وموضوعا وان مصر ليست فى حاجة اليه ..!!
ستظل حالة الجدل بشأن القرض – والتى لم يحظ بها قرض من قبل – وستظل حالة الاختلاف وستظل حالة الاخذ والرد بشأن هذا القرض الشهير قائمة حتى موعد اقراره من قبل الصندوق فى اواخر اكتوبر القادم .
وسيظل كل فريق يسوق الاسانيد والحجج للدفاع عن رايه ..!!
وسيظل السؤال قائما ... هل من مصلحة مصر الحصول على هذا القرض ..؟!!
بل ان هناك سؤال اكثر الحاحا ... هل مصر فى حاجة الى قرض صندوق النقد الدولى ...؟!!