تواجه قمة التضامن الإسلامي هموم وتحديات حملة التطهير العرقي التي تتعرض لها الأقلية المسلمة في ميانمار، وتداعيات القلاقل واستمرار الاضطرابات في دول الربيع العربي، ومشاكل الفقر والحروب الأهلية والمجاعات في أفريقيا
تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز تنعقد اليوم في مكة المكرمة قمة التضامن الإسلامي لتعزيز الروابط السياسية وتحقيق الانسجام الاقتصادي والخروج بحلول للتحديات الخطيرة التي تجتاح المنطقة.
هذه القمة تأتي في الوقت الذي تراجعت أولوياتنا الملحة في العلوم والتقنية والتجارة البينية والتعاون الاقتصادي، لتضع القادة عند مسؤولياتهم وتمنحهم الفرصة التاريخية بعيداً عن مصالحهم الضيقة وانشقاقاتهم المتفاقمة ونزاعاتهم المتأججة، وليضعوا لشعوبهم خارطة واضحة المعالم لإخراجهم من واقعهم المرير.
العالم الإسلامي يضم 1700 مليون مسلم، يستورد 70% منهم الغذاء والدواء ويعيش 37% تحت خط الفقر و34% في جهل مدقع، ويعاني 29% من البطالة.
عالمنا الإسلامي يتكون من 57 دولة تقع في أربع قارات، 27 دولة منها في أفريقيا و27 في آسيا ودولتان في أميركا الجنوبية ودولة واحدة فقط في أوروبا. وفقاً لتصنيف الأمم المتحدة لا توجد دولة إسلامية واحدة في مرتبة الدول المتقدمة، بل تقع 32 دولة منها ضمن مجموعة الدول النامية و25 دولة في مجموعة الدول الفقيرة.
تبلغ مساحة أراضي العالم الإسلامي 32 مليون كيلومتر مربع تساوي 25% من مساحة الأرض اليابسة و10 أضعاف مساحة دول الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك لا تزيد مساحة أراضيه الزراعية عن 11% من مساحة العالم الإسلامي، كما لا تزيد حصة الزراعة في ناتجه المحلي الإجمالي عن 24% وتنخفض حصة الصناعة إلى 30% والخدمات إلى 46%، وهي من أقل النسب المتعارف عليها في دول العالم قاطبةً.
تعاني معظم دول العالم الإسلامي من زيادة نسبة التصحر التي فاقت 6% سنوياً وتراجع مخزونها المائي الاستراتيجي بنسب غير مسبوقة، علماً أن بعض هذه الدول تطّل على أعظم المحيطات والبحار، وتحتوي أراضيها على أطول وأهم الأنهار التي فاقت أطوالها 24 ألف كيلومتر.
وفي الوقت الذي يمتلك العالم الإسلامي 67% من ثروات الأرض وينتج 43% من النفط و8% من الغاز الطبيعي و47% من القصدير و23% من الحديد، لا زالت الشعوب الإسلامية من أكثر الدول اعتماداً على الغذاء المستورد والمعدات والأجهزة المستوردة والمواد الاستهلاكية والأساسية المستوردة.
عالمنا الإسلامي الذي يفوق عدد سكانه اليوم 8 أضعاف عدد سكان اليابان، يمتلك 500 جامعة فقط، بينما يزيد عددها في اليابان عن 726 جامعة. وعالمنا الإسلامي، الذي يفتخر اليوم بوجود 230 عالمٍ لكل مليون مسلم، لا يضاهي مركز اليابان المتقدم الذي يحتوي على 5000 عالم لكل مليون ياباني.
العالم الإسلامي الذي فاقت صادراته 40% من صادرات العالم للمواد الخام، لا يتجاوز ناتجه المحلي الإجمالي عن 5% من الناتج الإجمالي العالمي، ولا تزيد تجارته البينية الإسلامية عن 6% من تجارته مع العالم الخارجي، بينما تفوق 54% بين دول مجموعة "آسيان"، و70% بين دول الاتحاد الأوروبي، و80% بين دول جنوب أميركا.
في مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2011 جاءت 15 دولة في مقدمة أفضل من يمارس الاقتصاد الحر التي لا تشمل دولة عربية أو إسلامية واحدة، بينما جاءت إيران في المرتبة 146 وليبيا في المرتبة 149 من أصل 157 دولة. وفي مؤشر تنمية الموارد البشرية تراجعت المغرب إلى المرتبة 111 واليمن إلى المرتبة 153 وموريتانيا إلى المرتبة 156.
القمة الإسلامية انعقدت 13 مرة منذ تأسيسها، أولها في الرباط عاصمة المغرب في عام 1969 وآخرها في باليمبانج بإندونيسيا. خلال نصف قرن أبرمت الدول الإسلامية 14 اتفاقية وشكلت 4 لجان دائمة: لجنة القدس التي يرأسها ملك المغرب ومقرها الرباط، ولجنة الإعلام والشؤون الثقافية التي يرأسها رئيس جمهورية السنغال ومقرها داكار، ولجنة التعاون التجاري والاقتصادي التي يرأسها رئيس الجمهورية التركية ومقرها أنقرة، ولجنة التعاون العلمي والتقني ويرأسها رئيس جمهورية باكستان الإسلامية، ومقرها إسلام أباد.
احتضنت مكة المكرمة ثلاث قمم إسلامية استثنائية على مدار ثلاثة عقود، كلها تهفو إلى التضامن وترنو إلى الوحدة، منذ مؤتمر القمة الإسلامي الذي عقد بمكة المكرمة في 25 يناير 1981 في عهد العاهل السعودي الراحل الملك خالد بن عبدالعزيز والمؤتمر الاستثنائي الذي عقد بمكة المكرمة في 7 ديسمبر 2005 والمؤتمر الاستثنائي الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في 14 أغسطس 2012.
قبل 9 سنوات أطلق الملك عبدالله بن عبد العزيز في مؤتمر القمة الإسلامي مبادرة برنامج العمل العشري لمواجهة تحديات الأمة الإسلامية في القرن الحادي والعشرين، الذي اشتمل في شقه الاقتصادي على تعزيز نطاق التجارة البينية بين دول العالم الإسلامي ودراسة إمكانية إبرام اتفاقية للتجارة الحرة لتحقيق مزيد من التكامل الاقتصادي، والوصول بها إلى نسبة 20% من إجمالي حجم التجارة خلال مدة الخطة، وذلك لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجارة البينية، والتخفيف من وطأة الفقر في العالم الإسلامي، ومعالجة القضايا المرتبطة بالعولمة والتحرير الاقتصادي والبيئة والعلوم والتقنية.
اليوم تواجه قمة التضامن الإسلامي هموم وتحديات حملة التطهير العرقي التي تتعرض لها الأقلية المسلمة في ميانمار وتداعيات القلاقل واستمرار الاضطرابات في دول الربيع العربي، ومشاكل الفقر والحروب الأهلية والمجاعات في أفريقيا، والتقلبات الدموية في سورية والعراق والصومال والسودان واليمن. لذا لا مناص أمام دول العالم الإسلامي من مواجهة هذه المخاطر والتحديات من خلال التضامن ووحدة الصف والتعاون والتكاتف.
بارك الله فيك فتحت جروح