توسيع القطاع المالي السعودي أصبح ضرورة

01/08/2012 0
محمد العنقري

تخطى الناتج الوطني السعودي حاجز ترليوني ريال للمرة الأولى بتاريخه العام الماضي ويتوقع أن ينمو بما لا يقل عن خمسة بالمئة هذا العام وإذا بقيت وتيرة النمو بالاقتصاد المحلى بمعدل سنوي متوسط تحقق ثلاثة بالمئة فإن الناتج المحلي سيقارب ثلاثة ترليونات ريال العام 2020 ميلادية.

هذه الأرقام الكبيرة لابد أن يقابلها توسع في القطاع المالي حتى تتحقق من جهة وأيضا للوصول إلى توزيع جيد لتدفق النقد بكافة قطاعات الاقتصاد ولكن إذا نظرنا للقطاع المالي السعودي فنجد أنه ينقسم لقسمين الأول والأكبر عمليا هو الحكومي المتمثل بالصناديق الحكومية «الصناعي والعقاري والزراعي» وكذلك صندوق الاستثمارات العامة وبنك التسليف، فرؤوس أموالها مجتمعة تفوق رؤوس أموال البنوك التجارية أو القطاع الخاص بأضعاف وحجم قروضها ونشاطها يفوق البنوك التجارية أيضا

وبذلك فإن المنافسة ليست موجودة بقدر ما أن الصناديق الحكومية تتحمل مخاطر أكبر ومسئولية أوسع بدعم الاقتصاد الوطني فيما تبقى البنوك التجارية الخاصة تعمل ضمن قاعدة سوق عريضة لكن بتحفظ وبتركيز على قطاع الأفراد آو القروض الشخصية وقطاع الأعمال بدرجة اقل وفي مجالات المقاولات المضمونة بعقود حكومية غير أن طبيعة القطاع المصرفي الخاص حاليا لا تعطيه مجالا أوسع للعب دور كبير بالتنمية

فعدد البنوك محدود «اثني عشر بنكا» مع فروع لبنوك أجنبية لا تأثير لها ورؤوس أموال البنوك مجتمعة تعادل ضعف تكلفة مشروع صناعي كبير كبترورابغ أو كيان وتعمل بنوكنا بكل المجالات المصرفية فلديها شركات استثمار ووساطة وتأمين وستدخل بشركة تمويل عقاري ولا ندري ماذا ستضيف أيضا بالمستقبل من نشاطات وكل ذلك يعد مخاطرة عليها ولا يحسب لها فقط.

فلابد إذا للنهوض بالقطاع المالي بأن يتم توسيعه بشكل كبير فيجب أن يتم الترخيص لبنوك جديدة تعمل لخدمة مناطق معينة فقط كمنطقة مكة مثلا وكذلك لابد من تأسيس بنوك متخصصة كبنوك تمويل عقاري وليس شركات وبنوك استثمارية وليس مؤسسات مالية وان تضخ فيها رؤوس أموال جيدة لتستطيع أن تمارس عملها بتوسع يتناسب مع احتياجات الاقتصاد الحالية والمستقبلية

فما يحدث من عمليات تمويل وتقسيط خارج منظومة الترخيص والإشراف ما هو إلا نتيجة توقف أو تقنين التراخيص من قبل مؤسسة النقد للبنوك التجارية والمتخصصة مما يفتح الباب عريضا أمام مثل هذه المخالفات والاهم ان الاقتصاد المحلي مع توسعه وحجمه المتسارع بالنمو يحتاج إلى عدد كبير من البنوك وبرؤوس أموال أضعاف ما هي عليه الآن وأن تتحول الصناديق الحكومية إلى بنوك في تخصصها وتتغير طبيعة تعاملاتها التمويلية لكي تتاح الفرص لتقليص دور التمويل الحكومي لصالح القطاع المالي الخاص.

إن وضع القطاع المالي بالمملكة قوي ولديه الإمكانيات الكبيرة ليلعب دورا مضاعفا عن ماهو عليه الآن إذا ما تم إعادة هيكلته بشقيه الحكومي والخاص وفتح الباب واسعا للتراخيص مع ضرورة أن يكون فيها تراخيص متخصصة مما سيساعد كثيرا على تنمية الاقتصاد وقياس المخاطر التمويلية بدقة اكبر مما هو عليه الوضع حاليا وكذلك توطين الأموال التي تذهب لدول مجاورة أو عالمية لتساهم أو تقوم بتأسيس مصارف فيها بالوقت الذي تتجه فيه عمليات كل البنوك الإقليمية والدولية لسوق المملكة لتأخذ حصص من احتياجاته التمويلية.

فرؤوس أموال البنوك التجارية وموجوداتها لا تعادل أكثر من نصف الاقتصاد المحلي ورؤوس لموالها تقارب ستة بالمئة منه مما يعني أنها صغيرة جدا بالقياس مع الكتلة الاقتصادية المحلية الأمر الذي يتطلب تحركا سريعا لتوسيع هذا القطاع الحيوي والذي بدونه لا يمكن أن ينمو الاقتصاد ويتوسع لتوفير فرص العمل وزيادة الإنتاج الوطني وتلبية احتياجات المجتمع قبل أن يصبح بحجمه وهيكلة الحالي عقبة أمام النمو الاقتصادي.