مازالت أزمة منطقة اليورو اكثر المؤثرين على مستويات الأسواق العالمية , وأخر الواصلين الى طلب المساعدات وذلك لدعم قطاع البنوك هي اسبانيا وما ارتفاع أسعار الفائدة على السندات الأسبانية لأرقام قياسية في منطقة اليورو بفائدة سنويه تبلغ 6.82 % للسندات لأجل عشر سنوات إلا مؤشراً على عمق واستمرارية الأزمة وإن كانت تلك النسبة ليست بعيدة عن الفوائد على السندات الإيطالية عند 6.28% لنفس مدة الاستحقاق . وعند النضر للسندات الألمانية نجد ان نفس السندات تعطي عائداً سنويا عند 1.16% وأكثر من ذلك فالسندات الألمانية بأجل سنتين المسماة (Schatz) وصلت الى عوائد سلبية 0.005-% ليس بسبب التضخم ولكن لأن أسعار تلك السندات أعلى من العوائد حتى الاستحقاق وذلك لارتفاع الطلب عليها ولأنها تقدم ملاذاً أمن من تقلبات السوق .
ولكن الفائدة التي جناها الألمان من اليورو لا تتمثل في أسعار الفائدة المتدنية بل هي عملة اليور , والتي كانت المساعد الاكبر لنمو الألمان منذ البدء في استخدام اليورو . لمعرفة كيف استفاد الألمان من اليورو فيجب ان نعرف ان عملة المانيا السابقة المارك كانت تعد عملة صعبة بمعنى ان المانيا بوقف استخدام المارك واستخدام اليورو تبنت عملة اضعف وبالتالي تلك الخطوة ادت الى زيادة الصادرات الألمانية مع منطقة اليورو والعالم لانخفاض تكلفة المنتجات الألمانية , وبالضد بالنسبة لدول اخرى مثل اسبانيا ,اليونان ,البرتغال, و ايرلندا فانضمام تلك الدول لليورو ادى الى زيادة قوة العملة التي تستخدمها تلك الدول وهو ما ادى الى عجز الحساب الجاري لتلك الدول بسبب ازدياد ال((capital inflow مما ادى الى تحولها الى دول مقترضة ((net borrower بمعنى انها تقترض اكثر مما تدخر , وهو ما ادى الى مشكلة الديون الموجودة لتلك الدول الآن.
. ومن الجهة الأخرى تحولت المانيا الى دولة دائنة((net creditor لحصولها على فوائض في الحساب الجاري وخاصة الحصول على صافي استثمار موجب بعد خصم جميع العمليات المالية بينها وبين العالم او بمعنى اخر انها استثمرت في دول اخرى اكثر من استثمار الدول الأخرى فيها.
ويجب ان نعلم انه لو عادت المانيا للمارك مرة اخرى(او تخلت عن اليورو سمها ما شأت) فأنها ستواجه ما واجهته تلك الدول من تبني عملة قوية , ومع الأوضاع الحالية لمنطقة اليورو سوف يكون المارك في حالة عودته اكثر العملات المرغوبة وربما يكون ملاذا امنا من تقلبات العملات الاخرى ومن استمرار الانخفاض في قيمة الدولار, مما سيزيد الطلب علية ويرفع سعر صرفة امام العملات الأخرى وهو ما سيخلق مشكلة لألمانيا ويرفع من كلفة صادراتها وبالتالي ربما يؤدي ذلك الى التأثير على الحساب الجاري الالماني وحتى الناتج المحلي لألمانيا, وبالنسبة لدول اليورو ومن ضمنها المانيا فالخروج من تلك المشكلة لن يكون بدون ثمن ضخم سوائأ ببقاء اليورو او عدمة .
اخيرا هذا الرسم يوضح صافي الأستثمار في بعض دول اليورو ويظهر السهم المتجهة من الأسفل للأعلى والذي يشير الى زيادة كلفة الخروج من منطقة اليورو كلما اتجهنا للأعلى وبالطبع المانيا تحتل اعلى تلك القائمة .
مشكلة المانيا انها تحاول جعل فاتورتها عند اقل مستوى من الخسائر بغض النظر عن الوضع العام في اوروبا!!! لا أعلم هل تنجح ام تكون عواقب هذه السياسه وخيمة على العالم