ماذا لو حدث إغلاق مؤقت لمضيق هرمز؟

15/07/2012 0
بشير يوسف الكحلوت

رغم أن التهديد بإغلاق مضيق هرمز في وجه الملاحة العالمية ليس بالجديد وسبق أن سمعناه كثيراً في مناسبات عديدة، إلا أنه يأتي هذه المرة وسط أجواء ساخنة ومشحونة بالتوتر والقلق، وتتعدد فيها العوامل المسببة للحدث ما بين العامل الأصيل وهو رغبة إسرائيل في ضرب قدرات إيران النووية، وردود فعل إيران على ذلك، والعامل المستجد المتمثل في اشتداد حدة الصراع في سوريا بين الحكومة(المتحالفة مع إيران) من ناحية، والشعب وجيشه الحر من جهة أخرى، واحتمال حدوث تدخل خارجي ينتج عنه لخبطة في الأوراق، وتداخل في ردود الأفعال بين الأصيل في إيران، والمستجد في سوريا. ورغم أن الولايات المتحدة قد حشدت قوة ردع كافية في مياه الخليج، إلا أن الأمور قد تخرج عن السيطرة ويحدث المحذور. وسيترتب على إغلاق مضيق هرمز ولو لمدة شهر واحد آثار سيئة على الاقتصاد العالمي وعلى اقتصادات دول مجلس التعاون نتيجة توقف الصادرات والواردات من المنطقة وإليها، فما هي الأضرار التي قد تصيب الاقتصاد القطري من الإغلاق بفرض حدوثه في هذه الفترة التي تسبق الإنتخابات الأمريكية؟

بداية أشير إلى أن الاقتصاد القطري يعتمد على الخط الملاحي عبر الخليج في تصدير معظم نفطه-غير المكرر-، إضافة إلى بعض المنتجات البترولية، وكل صاردرته من الغاز المسال، إضافة إلى سوائل الغاز والمكثفات، والوقود السائل المحول من الغاز، ومعظم صادراته الأخرى من الأمونيا واليوريا والإيثيلين والبولي إيثيلين وغيرها. كما أن قطر تعتمد على الواردات البحرية في تأمين احتياجاتها من معظم السلع الاستهلاكية والمعمرة، ويأتي القليل منها فقط عبر الطرق البرية والجوية.

ومن حيث الصادرات نجد أن أي انقطاع للإمدادات عبر هرمز سوف يلحق الضرر بالصادرات القطرية من النفط الخام ومنتجاته والغاز المسال وسوائل الغاز والمنتجات البتروكيماوية، ولأن طاقات التخزين محدودة فإن الإنتاج الفعلي من هذه المنتجات سوف ينخفض. وإذا كانت قيمة الصادرات القطرية تزيد عن 300 مليار ريال في السنة، فإن توقف الصادرات في شهر سوف يكلف الاقتصاد القطري ما لا يقل عن 25 مليار ريال في شهر. وسيؤدي التوقف إلى زيادة مفاجئة في أسعار المواد المصدرة إلى 150 دولار للبرميل أو أكثر، وذلك قد يساعد في التعويض لاحقاً عن بعض أو كل الخسائر التي ترتبت على توقف الصادرات. ورغم ذلك فإن صدمة ارتفاع أسعار الطاقة سوف تلحق الضرر بالنمو الاقتصادي العالمي المعتل أصلاً فيدخل العالم في ركود اقتصادي حاد، يؤثر سلباً على الطلب على النفط، ناهيك عن تأزم المشاكل المالية في العالم.

ومن حيث الواردات، نجد أن إغلاق المضيق لمدة شهر سوف يؤدي إلى الإعتماد على المخزونات المحلية من معظم السلع، مع الميل للترشيد في الاستهلاك، وإلى ارتفاع أسعارها-ما لم تشتد الرقابة الحكومية على الأسعار-، وإلى ارتفاع رسوم الشحن والتأمين على السفن المبحرة إلى الخليج العربي. وقد يكون بالإمكان الاعتماد على الطرق الجوية والبرية في تأمين السلع التي لا تكفي مخزوناتها لتغطية الاحتياجات المحلية، وخاصة من الأدوية والأطعمة، ومدخلات الصناعة الوسيطة، وبعض الأجهزة الدقيقة. وإذا ما حدث التوقف -لا سمح الله- فإنه سيكون له تأثيرات سلبية على العاملين الأجانب في البلاد الذين قد يفضل البعض منهم الخروج في إجازات لحين استقرار الأوضاع وعودة الأمان والإطمئنان إلى المنطقة.

ومع الانخفاض في الصادرات والواردات، وانخفاض عدد السكان، فإن الأنشطة الاقتصادية في المجمل سوف تتأثر سلباً، وبالتالي يحدث تراجع حاد في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة أو الجارية. كما قد يحدث انخفاض مفاجئ في أسعار الأسهم بالبورصة، نتيجة إزدياد عمليات البيع على أسهم الشركات التي قد تتضرر من الإغلاق ومنها أسهم الشركات المصدرة للمنتجات، وشركات التأمين، والنقل والبنوك.

مما تجدر الإشارة إليه إلى أن ما تقدم من شرح يعتبر رؤوس أقلام ، وعنواين صغيرة لموضوع كبير يستحق الاهتمام والدرس، حتى لا نؤخذ على حين غرة، ومن الخير لنا جميعاً أن نتدارس-كل في موقعه- في الجوانب المختلفة للموضوع، بحيث تكون الاستعدادات لحدث من هذا النوع كافية، وتكون الخسائر المترتبة عليه عند الحد الأدنى. وعلى سبيل المثال قررت الإمارات إنشاء خط أنابيب لنقل نفطها براً إلى المحيط الهندي خارج مضيق هرمز، وذلك في تقديري استثمار مهم لأنه يقلص تكلفة النقل والتأمين، ويجعل تصدير النفط الإماراتي آمناً بدون انقطاع. وفي قطر هناك الكثير من القرارات التي يمكن اتخاذها على مختلف الأصعدة للاستعداد لحدث تزداد التهديدات بحدوثه، رغم أنه قد لا يحدث بالمرة. وقد يحتاج الأمر أكثر من مقال حول هذا الموضوع حتى نوفيه حقه من الشرح والتحليل.