آتي للمحور الثاني من التوقعات المصاحبة لحقبة ما بعد العمل بأنظمة الرهن العقاري، وكنتُ قد تطرقتُ في المحور الأول إلى أهم محاوره المرتبطة بالانفجار المدوي المرتقب للسيولة المحلية، قياساً على ضخامة قيم الأصول العقارية في الاقتصاد المحلي. هنا أُشير إلى ضرورة الخروج بالاقتصاد المحلي من حالة الحصار التي يعيشها والمتمثلة في ضيق قنوات الاستثمار، ولا أنسب في هذا الصدد من التأكيد على استغلال الفرصة -قبل فواتها- المتمثلة في تشجيع ودعم المشروعات الناشئة المتوسطة والصغيرة، يُترجم ذلك من خلال ما ذكرته بالأمس من ضرورة قيام “ساما” بالسماح بتأسيس بنوك لتمويل تلك المشروعات، وضخ رؤوس الأموال اللازمة فيها، وتذكيراً بما سبق واقترحته على وزارة التجارة والصناعة وهيئة السوق المالية بتأسيس (بورصة المشروعات الناشئة).
إنني وأنا أطالب بكل ما يُمكن قوله والتأكيد عليه في هذا السياق؛ بضرورة تشجيع وتوجيه أغلب السيولة المتأتية نتيجة تفعيل الرهن العقاري نحو تمويل المشروعات الناشئة (المتوسطة والصغيرة)، ونحو تمويل المشروعات الحيوية التي تعزز من تنوّع قاعدة الإنتاج المحلي، ونحو تمويل المشروعات التجارية والصناعية والخدماتية التي تستوعب الأعداد المليونية من طالبي العمل من السعوديين، أذكّر بكل حذر ألا تتكرر أخطاؤنا السابقة في حرمان اقتصادنا من ثرواته المتجددة؛ سواءً عبر تركها تعيثُ مضارباتٍ في أروقة الاقتصاد المحلي الضيّقة النطاق، أو بتركها تغادرنا هاربةً إلى خارج الحدود، ومؤكداً على ألا تغيب أبداً هذه التوجهات المشروعة عن رؤية صنّاع السياسات الاقتصادية لدينا، وأن يتم أخذها بعين الاعتبار! وكم سيكون وقْعُ الآثار السلبية موجعاً جداً إنْ حدث ذلك، والله أعلم إلى أين سنتجه حينما تكون ثروات الاقتصاد مضافاً إليها ما سيتشكّل عن الرهن العقاري، إمّا دائراً في رحى المضاربات محلياً، أو محلقاً خارج دائرة الحدود. وفي الغد نهاية هذه المحاور..