استكمالاً للمحور الأول من التوقعات المصاحبة لما بعد العمل بأنظمة الرهن العقاري، المتركّز على جانب خلق السيولة، ومدى فعالية السياسة النقدية تجاه هذه النافذة الجديدة والعملاقة لخلق السيولة في الاقتصاد المحلي، من المهم الإشارة هنا إلى ضرورة اتخاذ عددٍ من الإجراءات اللازمة على مستوى هذه السياسة سآتي على ذكْر أهمها بعد قليل، وأخرى خارج رواق السياسة النقدية أستكملها في بقية هذه السلسلة.
فبالنسبة للسياسة النقدية؛ رأينا كيف وقفتْ موقفا أقرب إلى الاستسلام أمام تنامي مستويات السيولة في مراحل من الزمن أفضتْ إلى موجات من التضخم؛ سواءً في سوق الأسهم 2004-2006، أم في الاقتصاد الحقيقي 2006-2008. أم أمام إحجام البنوك عن الإقراض 2009-2011 على الرغم من أن تلك البنوك بتساهلها في وقتٍ مضى هي المسؤولة الأولى عن ورطة محافظها الإقراضية. معلومٌ لدى الجميع مدى محدودية تأثير أدوات السياسة النقدية لارتباطها بسياسات الدولار الأمريكي، وحتى الوقت الراهن تعتقد «ساما» أن فوائد هذا الارتباط مع الدولار أكبر من أي تكاليف أو خسائر محتملة في حال استقلَّ الريال عن الدولار، أو على أقل تقدير تمَّ إعادة تقييم سعر الارتباط بين الريال والدولار.
إذاً والحال تلك بصورتها المستقبلية الأكثر تحدياً وانفصالاً بين الريال المقبل على فوراتٍ من تنامي السيولة، مقابل «غرفة إنعاش الدولار»، أؤكد أنّه يتطلب خروجاً تدريجياً من رداء الدولار، والنظر بدرجاتٍ من الاستقلالية عنه، تأخذ بعين الاعتبار ضرورة المحافظة على قيمة الريال، والمساهمة في تعزيز الاستقرار الاقتصادي. كما يُفترض بـ «ساما» وقد زادتْ مسؤولياتها أن تتحرّك نحو السماح بتأسيس مزيد من البنوك المحلية المتخصصة في تمويل المشروعات الناشئة، والأنشطة الصناعية والخدماتية الملحة للاقتصاد المحلي التي تعزز من تنوع قاعدته الإنتاجية، والعمل على فكِّ خناق التركّز البنكي القائم، وفتح المنافسة التي تعطّلتْ منذ ثلاثة عقود في هذا القطاع. ويُستكمل الحديث عن بقية المحاور في الجزأين التاليين.