أكثر المعلومات المهمة التي أثارت اهتمامي أكثر من غيرها من المعلومات القيمة الأخرى الواردة في نشرة شركة البترول البريطانية BP فحققت بها سبقا جديدا على النشرات الأخرى هو الرسم البياني في الصفحة السابعة من تقريرها الأخير لعام 2012 الذي يرسم المسار الزمني للعمر الافتراضي للبترول في مناطق العالم المختلفة على مدى الثلاثين سنة الماضية (من 1981 الى 2011).
الرسم البياني يقسّم العالم الى ست مناطق بترولية يسمي إحداها منطقة الشرق الاوسط التي كان عمر بترولها (وفقا للرسم البياني) اضعاف اعمار بترول المناطق الخمس الأخرى. لكن الآن تفوّقت عليها منطقة امريكا الجنوبية واقتربت منها المناطق الاربعة الاخرى.
يقول الرسم البياني لقد كان العمر الافتراضي لبترول منطقة الشرق الاوسط عام 1988 يبلغ 120 سنة بينما كان عمر بترول المناطق الخمس الأخرى أقل من 42 سنة، وكان عمر بترول العالم 45 سنة. لكن بعد ذلك اخذ عمر بترول الشرق الاوسط ينخفض تدريجيا الى ان اصبح اقل من 80 سنة عام 2011 بينما ارتفع عمر بترول منطقة امريكا الجنوبية الى 120 سنة وارتفعت اعمار بترول المناطق الاربعة الأخرى قليلا، وكذلك ارتفع عمر بترول العالم الى 54 سنة عام 2011.
لكن الجدير بالذكر يبقى ان نعرف ان الدول المعنية التي انخفض متوسط عمر بترولها من اكثر من 120 سنة الى اقل من 80 سنة خلال ال 25 سنة الماضية (من 1987 الى 2012) هي فقط دول مجلس التعاون لأن تعريف دول منطقة الشرق الاوسط كما وردت بالاسم والترتيب الحرفي في تقرير شركة البترول البريطانية هي: الجزيرة العربية Arabian Peninsula، وايران، والعراق، واسرائيل، والاردن، ولبنان، وسوريا.
واضح للعيان ان كلا من اسرائيل والاردن ولبنان وسوريا لا يوجد اساسا لديهم بترول بينما ايران والعراق لو اخذنا كل واحدة منهما على حدة فسنجد ان عمري بترولهما (وفقا لنفس تقرير الشركة البريطانية) قد ارتفع كثيرا عام 2011 عن عام 1987.
للأسف الشديد ان شركة البترول البريطانية لم تكمل جميلها فتقدم خدمة مجانية لشركات بترول دول مجلس التعاون فتقوم بعملية استقراء لل 25 سنة القادمة ولذا تركت هذا الحمل الثقيل على كاهل شركات البترول الخليجية فإن شاءت فكل ماعليها هو فقط ان تقوم بعملية استقراء extrapolation لترى بعينيها كيف يبدو مسار عمر بترولها اذا استمر الوضع على ماهو عليه من تنافس على زيادة الانتاج.
في نفس الصفحة السابعة توجد رسمة اخرى تقول لقد كان احتياطي بترول الشرق الاوسط يبلغ 64 % من بترول العالم عام 1991 لكن انخفض الى 48 % من احتياطي العالم عام 2011.
النشرة تتكون من 46 صفحة ولم اكن انوي في البداية ان اركز على صفحة واحدة واترك 45 صفحة ولكن طغت على مشاعري العاطفة وانا ارى كيف ان البترول النبيلBlood of Arabia (دم جزيرة العرب) يسير بسرعة للوداع من غير ان تتمكن وزارة تخطيطنا العزيزة ان توجد الدم الاصطناعي البديل ليجري في الجسد الذي يحتضر في اتجاه معاكس للقبلة.
* موضوع زاوية السبت القادم - ان شاء الله - يناقش مدى دقة المعلومات الواردة في هذه النشرة ودلالاتها على ارض الواقع بعنوان: لغز زيادة الاحتياطيات رغم استنزاف البترول.
اتوقع انحازت الأرقام لأمريكا الجنوبية بسبب اكتشافهم فوق 250 مليار برميل من الاحتياطيات, لكن هذه الزيادة كانت من البترول الغير تقليدي (صعب استخراجه و صعب استخدامه). و بالنسبة للخليج, اسعار النفط العالية الآن تشجع على الإنتاج خصوصا ان الصرف في هذا الوقت يكون استثمار داخلي و في البنية التحتية.
كمية الاحتياطيات البتروليه في الدول العربيه مبالغ فيها الي حد بعيد لاضهار اهميتهم علي الخارطه السياسيه والاقتصاديه وتخدير شعوبهم الامله بتحسن الاوضاع المعيشيه . كما ان سياسة الحكومات العربيه هدفت الي استنزاف البترول بشكل متسارع إرضاء للغرب الذي يريد ان يستحوذ عليه بثمن بخس والحكام الطامعين بزيادة ثرواتهم علي حساب أوطانهم ومواطنيهم .
الله يوفقكم