الأنظمة العقارية الخمسة نقلة نوعية للاقتصاد المحلي

04/07/2012 12
محمد العنقري

صدور أنظمة الرهن والتمويل العقاري تفتح الباب على تطور اقتصادي إيجابي واسع حيث تؤسس لبيئة صحية للقطاع العقاري وكان السوق العقاري ينتظر صدورها منذ فترة طويلة لأنها ستنعكس بالإيجاب على الاقتصاد الكلي والجزئي وسيبرز الأثر خلال السنوات الخمسة القادمة على أبعد تقدير .

ومن المهم القول بأن أثر الأنظمة هو تخفيض الأسعار وبالتالي أي ارتفاع حاليا بالأسعار لا يعدو أكثر من استفادة مؤقتة للخبر لكنها لا تعبر عن الأثر والانعكاس المستقبلي فالممولين سيعتمدون نظاما للتثمين وفق أسس وقواعد علمية لا يسمح بعشوائية التسعير وستعمل شركات التطوير على توفير وحدات بتكاليف متوافقة مع احتياجات وقدرات السوق.

ومن المهم أن يتم التركيز على التأثيرات التي ستطال كل أطراف السوق العقاري ثاني قطاع بعد النفط بالاقتصاد المحلي من حيث الحجم إلا أن جل السيولة التي تتحرك بالقطاع كانت في المتاجرة بالأراضي بينما يأتي الاستثمار التجاري بدرجة ثانية والسكني المعد للبيع هو أقل فروع القطاع استفادة من السيولة الضخمة التي تتحرك بالقطاع فما الذي سيتغير بعد صدور الأنظمة الخمسة على العقار بالمملكة وبقية القطاعات الاقتصادية الأخرى.

فالمواطن سيكون أمامه العديد من الخيارات لتملك السكن سواء بالتمويل المباشر حيث سيكون الضامن للممول هو الأصل نفسه وفق علاقة ينظمها قانون الرهن العقاري الذي ينظم العلاقة بين الأطراف الممول والمطور والعميل.

فيما سيكون لنظام التأجير التمويلي عدة انعكاسات سواء بفتح فرصة لنشاط جديد فيه منفعة للمالك وللمستأجر أو بالمساعدة على التملك بطريقة التأجير المنتهي بالتمليك وهذا بدوره سيسهم بضخ استثمارات كبيرة بالوحدات المعدة للاستثمار مما سيسهم بتخفيض الإيجارات.

فيما سيوفر نظام الرهن بيئة علاقة جاذبة للاستثمار يستطيع المطورين من خلالها الحصول على الأموال بضمان الأصل من خلال رهنه لاستكمال مشروعه فكثيرا ما نرى مشاريع سكنية متوقفة نتيجة نقص الأموال وعدم القدرة على استكمالها وفق ظروف التمويل الحالية الصعبة والمرتفعة التكلفة.

ستوفر الأنظمة فرصة كبيرة لزيادة عدد شركات التمويل العقاري ومع ضمان حفظ الحقوق فإن المطورين سيستفيدون بالحصول على تمويل لاستكمال أعمال تطوير مشاريعهم وأراضيهم البيضاء بدلا من تعطلها وبتكلفة تمويل منخفضة مما ينعكس على السوق بزيادة كبيرة بمشاريع التطوير العقاري وبتكاليف أقل وهذا ينعكس على تكلفة الوحدة السكنية.

إن منظومة الرهن والتمويل ستوفر بيئة إيجابية ستسهم بزيادة عدد كبير من الوحدات السكنية ومع الزيادة بعدد شركات التمويل فإن الفرصة للتملك ستوفر خيارات عديدة بأسعار أقل نظرا لزيادة المشاريع وكذلك ستوفر تكاليف تمويل للفرد أقل نظرا لوجود شركات تمويل عديدة في سوق ستكون فيه المنافسة مفتوحة.

كما ستسهم الأنظمة بتأسيس شركات عقارية متعددة سواء في التمويل والتطوير والتسويق والإدارة بعيدا عن الوضع الحالي الذي يعاني من خلل هيكلي كبير وسيساعد ذلك على قدرة المواطن لتحديد خياراته ومساعدته بتلبية طلبه بسهولة أكبر.

كما سيعيد النظام ترتيب وضع مجال التطوير العقاري ليصبح أكثر تنظيما حيث ستأخذ الكيانات الكبرى دورها في قيادة السوق بعد أن تراجع هذا الدور كثيرا لصالح المطورين الصغار حجما والذين ترتفع عليهم تكاليف البناء بشكل كبير ولا يوجد ضمان على ما يقومون به من إنشاءات كونها تتم بطريقة فردية لا تخضع لأي معايير جودة.

أما من ناحية نوعية الاستثمارات التي سيوفرها النظام فإنه مع الوضع الصحي للاستثمار العقاري ستضخ أموالاً كبيرة لإنشاء مصانع مواد البناء والأثاث والأجهزة الكهربائية والعديد من المنتجات التي تحتاجها الوحدات السكنية مما سيرفع الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد بنسبة كبيرة وبدوره سيوفر فرص عمل ضخمة جدا بمختلف المجالات الصناعية والإنتاجية والتسويقية وسيساعد على تقليص حجم السلع المستوردة وتوطين الأموال.

كما سيؤثر التوسع بمشاريع التطوير العقاري وإنتاج السلع والخدمات المرتبط به بالتأثير على التضخم بخفضه سواء من جانب تراجع أسعار الوحدات السكنية وإيجاراتها وكذلك التضخم المستورد بزيادة الإنتاج المحلي ومع توفير الدولة لمدن صناعية متعددة وتهيئتها للمستثمرين وكذلك تطوير الصناعات المحلية والوسيطة من المنيوم والحديد والأسمنت والمنتجات البتروكيماوية فإن فرص إنتاج السلع النهائية محليا ستصبح أيسر وأقل تكلفة من المستورد وستنخفض تكاليف التمويل لتأسيس المشاريع نظرا لضمان نجاحها قياسا بحالة السوق التي ومن خلال هذه الأنظمة ستوسع من عدد الشرائح المستفيدة من إنشاء الوحدات السكنية بتكاليف تلبي عدد واسع جدا من المواطنين.

أما فيما يخص السوق المالية فإن الاستثمارات ستزداد فيه نظرا لارتفاع أرباح العديد من القطاعات المرتبطة بالقطاع العقاري بشكل مباشر وغير مباشر كما سيوفر السوق فرصا لطرح أدوات تمويل متعددة ستسهم برفع العائد الاستثماري وتوسيع حجم السيولة التي ستضخ بالسوق وتقلل من تأثير المضاربات على توجيه السيولة للشركات المضاربية وأعتقد أن السوق المالي سيتطور باتجاه فتح قنوات عديدة للاستثمار وسيزداد عدد الشركات العقارية ومواد البناء والمقاولات والتجزئة والقطاع المالي وأدوات الدين

الانعكاسات الإيجابية على الاقتصاد السعودي ستكون كبيرة جدا ولا يمكن حصرها وسيرتفع دور القطاع الخاص الغير معتمد على الانفاق الحكومي كثيرا وستتوطن أموال كبيرة بالاقتصاد لأن العقار خزان مالي هائل فمن المعروف أن صحة أي اقتصاد تفحص من خلال القطاع العقاري الذي يستوعب أعداد كبيرة من الكوادر البشرية ويسهم بتحسين وتصحيح أوضاع أغلب القطاعات الاقتصادية ويبقى التحدي هو بمدى سهولة ويسر الإجراءات التي سيبنى عليها كل الأطراف الفاعلة بالسوق وكذلك المراقبة التي ستتبعها الجهات المشرفة لمنع التجاوزات وتوحيد العقود والتوعية للأطراف المستفيدة المستمرة وإلزام شركات التمويل والتطوير بتوضيح كافة الحقوق والواجبات للعميل وكذلك ضرورة عدم تسرع العميل باتخاذ قراره قبل أن يعرف كل ماله وماعليه.