أولاً أبارك لنفسي وللشعب المصري كافة إنتخاب أول رئيس جمهورية شعبياً في التاريخ المصري ،، .. وأبارك بخاصة كل المستثمرين والمتعاملين في البورصة المصرية على شهادتهم لأعتاب مرحلة فاصلة إذا قورنت من حيث الأهمية لأحداث مثيلة في تاريخ مصر الحديث فهي لن تقارن على الأقل إلا بفترة حكم محمد علي وهندسته لنهضة مصر الحديثة سياسياً وإقتصادياً.
ولعل أهم فترة في هذه المرحلة الجديدة التي تشهدها مصر هي أول ثلاث أشهر قادمة، ليس فقط لان السيد الرئيس محمد مرسي جعلها هدف زمني للقضاء على التحديات الرئيسية للمواطن (الأمن والخبز والمرور والإستقرار ....إلخ) ولكن لأن تلك الفترة ستجيب على الكثير من الأسئلة التي تم التهرب منها مراراً خلال العام ونصف الماضين عبر وعود وأحاديث بدون فعل، وهي الدستور ومرجعيته والحكومة الفعلية الدائمة ورسم سياسات الدولة الإقتصادية والسياسية والبدء في التخطيط الجدي للمشاريع القومية التي فقدت معناها من كثر الحديث عنها، هذا بخلاف تقييم واقعية الحلول التي تناولت مراراً لزيادة جدوى إدارة موارد الدولة، وهل هناك إمكانية جدية لذلك أم لا؟.
لذلك فالفترة الحالية، وأقصد هنا فترة الثلاث شهور القادمة، تفرض علي جميع المستثمرين الإنصات والهدوء و"تجميد القلب أحياناً" لتفهم وللإستفادة من المشهد السياسي والإقتصادي الذي يجرى محاولة رسمه حالياً بأيادي مصرية خالصة وإن تعارضت وتشابكت تلك الأيادي في بعض الأحيان.. فأليكم رؤيتي المتواضعة للنقاط التي يجب أن يضعها المستثمر في إعتبارة خلال الثلاث شهور القادمة:
لا قرار إستثمار بناءاً على ما سيكون خلال أيام قادمة ولكن قرار الإستثمار يجب أن يكون بناءاً على ما سيحدث بعد شهور قادمة
كان الأسبوع الماضي من الأسابيع التاريخية للبورصة المصرية التي حققت فيها أرباح قياسية، ولكن لنكن صريحين هل كان من الممكن توقع ذلك الأداء، إذا سألت احد المتعاملين في الأسبوع قبل الماضي (اسبوع انتخابات الإعادة) ماذا سيكون أداء المؤشر لو أعلنت نتيجة الإنتخابات لصالح الدكتور مرسي؟!
ستكون الإجابة البديهية له هي إنخفاض السوق وربما بالفعل إنخفاض أسعار الأسهم خلال أسبوع انتخابات الإعادة -على آثر النتائج الأولية لفوز مرسي- كان إجابة لهذا السؤال .. ولكن ماذا حدث بعد إعلان النتيجة؟!
تغير رأي الكثير من المتعاملين والمحللين فجأة وربما قبل جلسة الأثنين بدقائق، ولم يقف التخبط في التوقعات عند هذا الحد ولكن كذلك إلى أي من مستويات المقاومة التي وضعها بعض المحللين سيصحح السوق الموجة الصعودية بالأسبوع الماضي، بل وتخبط الكثير من المتعاملين في تحديد اليوم والنسبة التي سيصحح فيه المؤشر والتي بالطبع انتظرتها سيولة بخارج السوق متعطشة للشراء.
ما ذكرته في الأسطر السابقة هو فقط مشهد من مشاهد القرار الإستثماري الذي كان مضطرباً لأكثر من عام ونصف وخاضعاً فقط لتوقع ما سيكون عليه أداء المؤشر غداً، أو ما سيكون عليه المؤشر الأسبوع القادم بناءاً على توقعات المشهد السياسي الساخن الذي لا يمكن أبداً توقعه بدقة عبر أيام أو حتى أسابيع.
القرارات والتغيرات بالثلاث شهور القادمة قد تساوي ثلاث سنوات في الظروف العادية.
نقطة ومن أول السطر!. ولنبحث عن أكثر الرابحين في الأسبوع الماضي فربما نجد عندهم إستراتيجيتنا الإستثمارية خلال تلك الشهور القادمة، ولن نجدهم بالطبع في من حاولوا لحاق القطار وهو مسرع بالإسبوع الماضي وحاولوا الشراء بأسعار مرتفعة على، ولكننا سنجدهم في المعظم من إتخذوا القرار الإستثماري قبل ذلك بكثير وفي عز إنهيار الأسهم، بناءاً على أسعار الأسهم المتدهورة والتي وصلت إلى مستويات تجعل المخاطرة معها في أقل مستوياتها، وتجاهلوا أي إستقرار متوقع أو نتيجة فوز هذا أو ذاك أو تخوفوا أو تفائلوا بناءاً على معطيات السياسة المتوترة حايلاً، فقط هي القيمة التي كانوا ينظرون إليها، فهذا هو المعيار الهام حالياً الذي يجب أن ينطلق منه المستثمرين في البورصة في الفترة القادمة.
ينتظر الجميع الكثير من التغيرات السياسية والتي كانت من المفترض أن تحدث في ثاني شهر مباشرة بعد الثورة، فالسنة ونصف الماضيين لا يمكن وصفها إلا انها كانت فترة لتعطيل حركة مصر لتصحيح وللتهرب من أخطاء شخصية لكثير من المعنيين في الحكم خلال 30سنة ماضية على حسابتنا الشخصية!! على العموم ليس موضوعنا.
ولكن موضوعنا هنا اننا أمام 60 عام من العبث والفساد المقنن والفوضى الإدارية والتنظيمية وإحتكار السلطة والقرارات العشوائية وبالطبع لا مفر للمسؤولين من ضغط التعامل معها في ثلاث شهور فقط!.. لذلك من المحتمل أن نتفاجأ أسبوعياً بل يومياً إن لم يكن كل ساعة بقرارات متغيرة وأخبار كثيرة، بمعارض وبمؤيد برئيس حكومة ووزراء قد يتفق عليهم البعض ويختلف عليهم البعض الاخر، بإعتراضات ومظاهرات وربما بتصريحات من هذا ومن ذاك، وبالطبع سيخصص الكثير من خبراء السوق الكثير من وقتهم لتحليل ذلك المشهد السياسي –كما يحدث حالياً- وربما قد يترجم ذلك عند المستثمرين بتجاهل قيمة الأسهم، أو بتجاهل الفرص التي قد تطفو على السطح مجدداً بعد أي مستجدات سلبية مؤقتة والتي بالطبع ستختفي في وقت صعود السوق وإستقرار الأمور في مصر نحو الأفضل وحينها لن يكون في إستطاعة المستثمرين إلا ركوب القطار بعد تحركة مثل ما حدث بالإسبوع الماضي، ولكن ما الحل؟!، الحل هو تلخيص ما بين سطور هذا المقال فيما يلي:
- الثقة أن مستقبل البورصة المصرية بعد عامين سيكون هو الأفضل بين قرينتها في الشرق الأوسط! كيف؟! .. هذا السؤال تم طرحه بتهكم منذ عام ونصف تقريباً، ولعل الواقع حالياً قد يجيب على ذلك، فالبورصة المصرية من أفضل البورصات في العالم أداءاً بالربع الأول والنصف الثاني من هذا العام، أي مخاطر حملها السوق قد قابلها بعوائد وإرتدادات قوية.
- الثقة أن فرص الأسعار المناسبة للأسهم آتية لا محالة، فالتذبذب بالبورصة المصرية قد يكون هو الأشد في تاريخها الفترة القادمة، والمستويات المنخفضة لأسعار الأسهم التي تكررت مراراً في العام ونصف الماضيين قد يمكن الوصول إليها مرة أخرى، إن لم يكن بسبب أي أخبار سلبية مؤقتة من السياسة، فقد يكون بسبب موجات الإحباط التي ستبدء ربما بعد شهر أو شهرين بعد المبالغات الحالية في التغيرات السريعة للإقتصاد المصري، أو بسبب عدم التدليل المعتاد لكل ماهو متعلق بالإستثمار على حساب المواطن.
- بالطبع التركيز في وقت الأزمات يكون على أسهم القيمة وأسهم التوزيعات وليس أسهم النمو، فهي كانت الحصان الرابح في تعويض الخسائر سريعاً وتحقيق أداء جيد في الإرتدادات السابقة للوصول قرب قيمها العادلة.
- إقتناص الفرص وليس مجرد الإستثمار التقليدي.
- تجاهل الاحداث والأخبار السياسية اليومية الكثيرة سواء إيجابية كانت أو سلبية.
- عدم الخضوع لآفات الإستثمار، التفائل والتشائم المبالغ فيه.
- الإستثمار على الأقل لمدة عام، وليس المضاربات اليومية الخطرة بناءاً على الأخبار السياسية المتغيرة.