الواقع أن النظام المحاسبي الحكومي لم يتطور في السعودية وفي معظم الدول العربية. والسبب أن هذا النوع من مجالات التطوير ليس لها من يطالب بها! وهذه نقطة حساسة تحتاج إلى توقف وتدبر، وهي أن القضايا التي لا يقف خلفها أشخاص ومصالح شخصية في الدول النامية، وبالنظر إلى ضعف (وربما غياب) الدور الفاعل للمنظمات الشعبية، بحيث لا تجد هذه القضايا لها من مطالب! هذا مع أنها ممكنة وأن فائدتها واضحة وبتكلفة لا تقارن بالعائد منها. ولذلك تجد مشاريع التنمية والتطوير في مجالات كثيرة أصعب وأقل حساسية.
فقد استوقفني تصريح نقلته جريدة الحياة (في 25 أبريل/ نيسان 2012) على لسان نائب وزير المالية د. حمد البازعي مفاده أن المالية تقر بـ«خلل كبير» في النظام المحاسبي الحكومي وأن الوزارة شكلت فريقا لتطويره. وسؤالي لوزارة المالية: متى اكتشفتم هذا الخلل في النظام المحاسبي الحكومي، لتشكلوا له فريق عمل لتطويره؟! فأنا شخصيا كنت قد اكتشفت أنه بحاجة إلى تطوير قبل ثلاثين عام.. يوم كنت أعمل محاسبا في أحد القطاعات الحكومية. وبعد ذلك كتبت مقالا عن النظام المحاسبي الحكومي بعنوان «من يطور النظام المحاسبي الحكومي؟.. ومتى؟» بجريدة «الرياض» بتاريخ (17 يونيو/ حزيران 1996) تحدثت فيه عن نقاط الضعف في هذا النظام وطرق والخيارات المتاحة لمعالجتها. وبعد نشر المقال اتصل بي (شخصيا) وكيل الوزارة لشؤون الحسابات الدكتور عبد العزيز النصر الله، شاكرا على ما ورد بالمقال، وواعدا بأن النظام في مرحلة تطوير، وأنه سوف تعالج مثل هذه الملاحظات. وفي أكثر من إشارة صريحة بالصحف المحلية وبقية وسائل الإعلام المحلية وعلى مر عقود مضت، تعرضت أقلام المحررين والكتاب من أكاديميين ومهنيين (أذكر منهم د. سلطان السلطان بمقال نشر بجريدة «الرياض» وتصريح لرئيس ديوان المراقبة العامة في 20 شوال 1416هـ، قال فيه إن وزارة المالية هي المعنية بتطوير النظام المحاسبي الحكومي).. إلا أن واقع الحال يثبت أن جهود التطوير ناحية (للأسف) عنه! والطريف في الأمر أن ملخص الخطوة الأهم التي يحتاجها النظام هو توظيف خدمات الحاسب الآلي في عمليات النظام. بحيث ينتقل من النظام اليدوي إلى نظام العمليات الإلكترونية.. وتحديد واضح للأهداف المرجوة من النظام المحاسبي الحكومي والآليات التي تعمل على تحقيقها. هذا مع أن المملكة عضو في المنظمة الدولية للأجهزة العليا للتدقيق المحاسبي - الأنتوساي (INTOSAI)، فلماذا لا نستفيد من هذه العضوية لنطور نظامنا المحاسبي؟! إلا أن معظم كبار الموظفين بالوزارة لم يواكبوا الحاجة لاستخدام الحاسب على الوجه المطلوب. ولا عجب أن يتأخر تطوير هذا النظام إذا علمنا أن وزارة المالية وإلى عهد قريب تتعامل يدويا بالتوقيع على ما يصدر عنها من عدد مهول من الشيكات الحكومية يوميا. ولا أغفل أهمية أن يعد النظام ليعمل على تحقيق هدف مهم جدا، وهو قياس أداء الأجهزة الحكومية ووضع ميزانيات وخطط لبرامج أعمالها والرقابة الآلية عليها.
وسؤال لوزارة المالية: متى تتطور النظم المحاسبية الحكومية لتواكب التطور المالي في المملكة؟
الاستاذ / سعود الاحمد شكرا لك على هذا المقال الهام والمفيد والذى يوضح اهمية تطوير النظم المحاسبية الحكومية وان كان لى اضافة فهى ان التطوير للنظم المحاسبية الحكومية هى حلقة ضمن منظومة التطوير للانظمة المالية والمحاسبية والضريبية للمجتمع ... !! فهى تتطور ضمن المجتمع لانها مرآة للمجتمع وينبغى ان تلاحق تطور المجتمع وتتماشى مع حركة التطور الحادث ولا تنفصل عنه والا شعرنا بالخلل فى مفاصله فمواكبة تطور الانظمة المحاسبية لتطور المجتمع امر هام وحيوى .. اكرر شكرى وتقبل خالص تحياتى د . جمال شحات