الأصول والدَّين.. المقصُّ المحيّر للسياسات الاقتصادية (1-3)

02/07/2012 4
عبد الحميد العمري

عانى الاقتصاد السعودي خلال الفترة 1991-2002م من ارتفاع الدين المحلّي الذي وصلَ إلى ذروته الرقمية (685.2 مليار ريال) في 2002م، فيما كانتْ أعلى نسبةً له إلى إجمالي الناتج المحلي في 1998م، حيث بلغت نحو 108.6 %(وهو العام الذي وصل سعر النفط لأدنى مستوى له 12.2 دولار للبرميل)، انعكستْ تلك المعاناة في (مزاحمة) الحكومة للقطاع الخاص على الائتمان البنكي المحلي، تجاوزت الـ %43 في ذروة الدَّين العليا التي وصل إليها من إجمالي الائتمان البنكي.أفضتْ تلك الأوضاع المالية العسرة إلى تضاؤل الحصة النسبية للإنفاق الرأسمالي خلال تلك الفترة، حيث وصلتْ إلى أدنى مستوياتها التاريخية للعامين 93م و94م بما لا يتجاوز %1.6، ثم لتنخفض لأدنى من ذلك إلى %1.1 في عام 97م، وتراجعت معدلات نمو الاقتصاد الحقيقية لما دون %3 في أغلب أعوام تلك الفترة، حتى وصلتْ إلى -%0.7 بنهاية 1999م، ونحو %1.0 بنهاية 2001م، ونحو 0.1 %بنهاية 2002م. كان من الطبيعي جداً في ضوء كل ذلك أن تعاني الميزانية العامة من ارتفاع عجوزها المالية، وتوقّف الإنفاق على البنى التحتية، وتراجع نسب الاحتياطيات للاقتصاد الوطني لما دون %30، وكل ذلك كان ناتجاً في جملته الأثقل وزناً إلى التراجع الذي لازم أسعار النفط (تحت 15 دولاراً للبرميل)، في الوقت الذي كانت بدائلنا الإنتاجية في مواضع هشّة وأقل بكثير من أن تعوّض التأثيرات القاسية على الاقتصاد المحلي، التي تركتها على إثر التراجع الحاد في أسعار النفط حينها.قبل أنْ أنتقل إلى المرحلة المخالفة تماماً لما تقدّم (انخفاض الدَّين وارتفاع الاحتياطيات نتيجة تحسّن أسعار النفط)، يجب الإشارة إلى وضعية السياسات الاقتصادية آنذاك، وتحديداً المالية والنقدية، إنها كانت في وضعٍ أقربُ إلى الشلل أو الاستسلام، إذ لم يكن لديها الخيارات المتاحة اليوم، وكان من أهم نتائجها ضعف النمو الحقيقي (التضخم مقارب للصفر حينها)، وقلة الإنفاق على البنى التحتية.. وللحديث بقية..