لخّص وزير الاقتصاد والتخطيط التحديات التي تواجهها المملكة العربية السعودية بالمؤتمر الأخير لليوروموني، في: (تنويع الاقتصاد، توفير فرص العمل، وكفاءة الطاقة الإنتاجية للقوى العاملة). التحدّي الأول هو الهدف الإستراتيجي لجميع خططنا التنموية منذ 1970م. هنا؛ أُذكّر بأمرٍ حول التحديات ذكرته سابقاً: (أن الفرصة إذا فاتتْ، تحوّلت إلى تحدّ، وأن الفشل في تجاوز ذلك التحدّي، سيحوله إلى أزمة، وأنَّ الأزمة إذا وجدتْ وتفاقمتْ نسفتْ جميع ما لديك من فرص)، أؤكد هنا على هذه الفكرة لأمرٍ بالغ الأهمية! فما هو؟!
جزءٌ ثقيل الوزن مما يواجهه اقتصادنا في المرحلة الراهنة من تحدياتٍ، أو أزماتٍ بعبارةٍ أدق (البطالة، الإسكان، الفقر أو انخفاض الدخل الحقيقي، ضيق قنوات الاستثمار المحلية، التضخم، زيادة الاعتماد على مداخيل النفط، ضعف تنوع القاعدة الإنتاجية، زيادة نسب التسرّب المالي للخارج، تأخّر تنفيذ المشروعات أو تعثّرها، تفشّي ظواهر اقتصاديات الظل، زيادة المضاربات السعرية في الأسواق المحلية، التستر التجاري، ضعْف مساهمة القطاع البنكي في النمو الاقتصادي، التشوهات القائمة في نشاط الاستثمار الأجنبي محلياً، تفشّي مظاهر الفساد في العديد من الأنشطة محلياً، إلخ) يقفُ وراءه بالدرجة الأولى (التشخيص الدقيق) لحقيقة تلك التحديات أو الأزمات! إنه (نصف الحل) وفقاً للعبارة الدقيقة التي قالها وزير الاقتصاد والتخطيط لقناة CNBC العربية على هامش مؤتمر اليوروموني الأخير. السؤال: كيف سيتحقق لنا (التشخيص الدقيق) في غياب الإحصاءات والأرقام؟!
من المؤسف أن أغلب الإحصاءات اللازمة لتحقيق ذلك (التشخيص الدقيق) إمّا أنه يتأخّر لعدّة سنوات، أو أنه لا يتم نشره! هل يعني هذا أن (نصف الحل) ذهب أدراج الرياح؟! الإجابة: نعم! لهذا نلاحظ أن الفرص تتحوّل إلى تحديات، والتحديات تتحول إلى أزمات، والأزمات تنسف الفرص، وهكذا دواليك! إنكار وجود تلك التحديات أو الأزمات أو محاولة التقليل من شأنها ليس حلاً! بل هو هروب مدمّر من مواجهتها، له عواقبه الوخيمة لاحقاً.
اتمنى تنشرون يا راقام هذا المقال الذي يصور من يلعب باسعار اسهمنا (نصف الحقيقة) سعيد فالح الغامدي 2012/5/27 في سوق الأسهم الحيتان مستمرة في أكل السمك. ويوم السبت الماضي تابعت سوق الأسهم السعودي الذي ما زال يواصل الانهيار بفعل فاعلين يرون أن ما بقي في جيوب صغار من يمتلكون بضع مئات أو بضع آلاف من الأسهم (الخشاش) هي حق من حقوقهم لا ينبغي أن تظل خارج محافظهم المكتظة بملايين الأسهم التي استولوا عليها من خلال تلاعبهم في العروض والطلبات والأسعار. الغريب أن مجموعة من الذين يسمونهم بالمحللين الماليين لا يكلّون ولا يملّون عن إيجاد مبررات لأولئك اللصوص وآخر تبريراتهم أن السوق السعودي مرتبط بالمخاوف من خروج اليونان من السوق الأوروبية، ولذلك جاءت خسائر السبت الماضي. وغداً قد يقولون إن ارتفاع درجة حرارة الأرض التي حدثت مؤخراً بمقدار درجة واحدة هو سبب رئيسي لانهيار جديد وكأنهم يحاولون أن يصرفوا النظر إلى اللصوص باختلاق ظروف مصطنعة هي في الحقيقة تخدم أولئك اللصوص وتوسِّع مجال استيلائهم على ما بقي عند الآخرين. أما الخاسرون الصغار، فحسب المحللين، قد يتوجّهون بالدعاء على اليونان والدولار واليورو في الوقت الذي ينبغي أن ينصب دعاؤهم على من سرقوهم علانية ولم يتمكن أحد من ردعهم لا هيئة سوق المال ولا هيئة مكافحة الفساد ولا هيئة الأمر بالمعروف ولا كل الهيئات في البلاد، ولا أحد يستطيع وقف هذا النزيف الذي ينعكس على حياة المجتمع خصوصاً أولئك الذين شاء قدرهم أن يكونوا من صغار المتداولين فكانوا فريسة سهلة للكبار. وللأسف فإن الجهات المسؤولة تكتفي بدور المتفرج وهو ما أشرت إليه في مقال سابق والشيء الوحيد الذي تأكَّد منه جميع المتضررين هو استمرار الضرر دون محاولة من أحد لرفعه عن الناس وحسبنا الله.