قال أبو تمّام: (السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ… في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ، بيضُ الصَّفائحِ لاَ سودُ الصَّحائفِ في… مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ). وأقولُ في عالم الاقتصاد إن سيف أبي تمّام الذي أشار إليه هو (الأرقام)! (الأرقام) فقط هي الحد الفاصل الذي لا يُجامل وزيرا أو مسؤولا أو كائناً من كان، وهي (المعيار) الأمثل الذي بناءً عليه يتم تقييم أي قضية اقتصادية سواءً هنا، أو حتى فيما وراء البحار. تأتي هذه المقدّمة تمهيداً لما يتم الحديث عنه في الشأن الاقتصادي المحلي، وتحديداً للشد والجذب القائم بين الأجهزة الحكومية المعنية من جانب، ومن جانبٍ آخر بقية الأطراف ذات العلاقة (الأطراف المستقلة).
وقبل التوسّع فيما سيأتي من حديث؛ من الضرورة أن يتم الاتفاق على محدداتٍ رئيسة لهذا الحوار والنقاش، وهما محددان لا ثالث لهما: (1) المهام والمسؤوليات والصلاحيات المنصوص عليها في أنظمة أي من تلك الأجهزة الحكومية.
(2) النتائج المتحققة، التي يسهل قياسها رقمياً، ويسهل تقييمها بناءً على تلك المهام المحددة، وبناءً على الأهداف التي وضعتها في خطط التنمية، أو أعلنها مسؤوليها.
المحدد الأول: نصّت الأنظمة التأسيسة لجميع الأجهزة الحكومية، على مهامها ومسؤولياتها وصلاحياتها بصورةٍ صريحة وتفصيلية. وعليه، فلا مجال للتنصّل منها من أي جهةٍ معينة، ولا مجال لأي طرفٍ مستقل أن يُحمّل جهة معينة ما ليس لها به علاقة.
المحدد الثاني: أن تتسم (الأرقام) بالمصداقية والموثوقية والحقيقة، وهو أمرٌ تتحمّل مسؤوليته الكاملة الجهات الحكومية المصدرة لها، أو ما تنشره المنظمات والهيئات الدولية التي تكون المملكة العربية السعودية عضواً فيها، التي تقوم الجهات المحلية بتزويدها بتلك الإحصاءات.
بموجب ما تقدّم، سأستعرض طوال هذا الأسبوع أهم القضايا الاقتصادية (الإسكان، البطالة، الفقر، تنويع الإنتاج، إلخ)، علماً أنّه كان ومازال هو (المسطرة) التي أحتكم إليها في قياس أداء وتقييم أي جهازٍ حكومي مرتبطٌ بالشأن الاقتصادي.
الله يقويك أستاذي الصادق والوطني عبدالحميد العمري، أنا بانتظار اكتمال هذه السداسية الفكرية الاقتصادية، وشكلها من بداية هالمحددين الذين ذكرتهما أن بعض الجهات ستجد نفسها في الركن الضيق! فلا مخرجات ولا نتائج ولا يحزنون شكراً لك وشكراً لأرقام الابداعية