لماذا نخرج من سوق الأسهم؟!

14/05/2012 11
سعود الأحمد

لا شك أن مهمة وسائل الإعلام في مجال تحليل سوق الأسهم، تكليف وتشريف؛ لأن قطاع المال والأعمال، والمجتمع عامة (وبالأخص المستثمرون والمضاربون في السوق)، يعول كثيرا على ما ينشر في وسائل الإعلام. ومهمتنا كمحللين ماليين واقتصاديين أن نكتب للمجتمع ما يوعيهم ويثقفهم في هذا المجال، ويمدهم بالمعلومات التي تعينهم على اتخاذ قراراتهم الاستثمارية.

وعن نفسي، فقد كانت لي مشاركات بوقت مبكر (ربما سبقت فيه البعض) في هذا المجال بالقنوات الفضائية والصحف اليومية؛ فعلى نطاق الاقتصاد الكلي، توقعت منذ عام (2003) قدوم طفرة تستند إلى أن أسعار النفط مقبلة على ارتفاع، ولي مقالات شهيرة حول عنوان «كل الأسعار سترتفع»، على أساس أن أسواق البورصات العالمية تتأثر بأسعار النفط بخلاف الأحداث السياسية، وأن كل السلع تتأثر بأسعار النفط. وتحدثت عن السعر العادل للنفط، وقلت في أكثر من مقال ما معناه أنه لا يمكن أن يبقى سعر النفط في العشرينات استنادا إلى عدة معطيات، مثل محدودية وخصائص ومنافع سلعة هذا الذهب الأسود. وكانت الأصوات (ومنهم خبراء لا يسمع لي صوت وهم يتحدثون.. محليون وعالميون)، وكانت أصواتهم وقتها تنادي بالحذر وتؤكد أن أسعار النفط مقبلة على نفق مظلم (ولعلكم تتذكرون مطلق هذه العبارة!). وأكثر من ذلك أن هناك من هم في الإدارة الأميركية يهددون دول النفط، وبالأخص السعودية، لو حلق سعر النفط إلى الأربعينات ويعتبرون هذه الأسعار فلكية.. وكان صوتي المبحوح يغرد وحيدا خارج السرب على شاشات القنوات الفضائية والصفحات الورقية (بعضها في هذه الجريدة) ويقول إن النفط سيرتفع، وكل الأسعار ستلحق به.

أما على مستوى تحليل القوائم المالية، فقد كان بحث البكالوريوس قبل ثلاثين عاما عن تحليل القوائم المالية للشركات المساهمة، وبعدها كان بحث الماجستير عن أثر المعلومات الداخلية على سوق الأسهم، لكن هذا لم يعصمني من الطوفان، فمثلي مثل غيري دخلت سوق الأسهم عدة مرات (فربحت وخسرت)، وجاءت سقطة عام 2006 موجعة للجميع.. لكنني هذه الأيام خرجت من السوق (بقرار إيقاف الخسائر). وإجابتي لمن يسألني: لماذا خرجت من السوق واتخذت قرار إيقاف الخسارة والسوق في حالة تذبذب ومن الطبيعي أنه يمكن بالمتابعة تحقيق مكاسب من خلال المضاربة في أسهم القطاعات الحيوية والتحول من شركة لأخرى؟ وللمعلومية فإن قرار الخروج هذا (بما يعرف بإيقاف الخسارة) يتخذه المتعامل في السوق لكي لا يتآكل رأسماله المستثمر.. وبعد أن يقتنع أنه لو بقي في السوق فسيخسر أكثر.

والواقع أن سبب خروجي من السوق، هو أنه وبمتابعتي للمؤشر وملاحقتي للأحداث الخاصة بالشركات التي يفترض أنها تؤثر في سعر السهم لكل شركة. وكذلك بملاحقتي للأحداث العامة التي يفترض أنها التي تحرك المؤشر صعودا ونزولا، فقد اكتشفت أن المسألة لا يحكمها تحليل أساسي (مالي) ولا تحليل اقتصادي (فني). وأن عامل السيولة بهذا الحجم من الدخول والخروج للسيولة النقدية لا شك أنه يحدث تذبذبا في حجم الطلب والعرض وميكانيكية السوق، وبالتالي يؤثر على المؤشر بشكل عام وعلى قطاعات بعينها وعلى أسعار أسهم بعض الشركات. وإن هناك من يستفيد من التوجه الصعودي وهو يتنقل برأسماله المستثمر بين هذه القطاعات وبين هذه الشركات الصاعدة. ويكسب من يكسب على حساب آخرين.

لكنني اقتنعت بأنني لا أستطيع الوصول إلى المعلومة التي تتحكم في هذا التأثير. وبالتالي فإن استمراري في التعامل في السوق كمن يسير على غير هدى!