لعل أوّل ما يتفجّر في وجه المخطط الاقتصادي كمؤشراتٍ على انحراف سياساته الاقتصادية، وبرامجه التنموية عن أهدافها المرسومة، هو التباين الكبير في دخل أفراد المجتمع، وانحسار البيئة التنافسية نتيجة تفاقم أوجه الاحتكار، التي تتحرك متقدمةً إلى خلق بيئة غير منافسة تفسح المجال أمام المحتكرين للتحكّم بالأسعار وتضخيمها بصورةٍ غير مشروعة، ليواجه الاقتصاد أخطر أعدائه ممثلاً في التضخم، ملحقاً أشد الأضرار بدخل الأفراد؛ من ذلك التضخّم المروّع في قيم الأراضي المتضخمة والعقارات، والتلاعب في أسعار السلع والخدمات الأساسية، والتي تُشكّل مجتمعةً وزناً لا يُستهان به في ميزانية الأسرة وعائلها.
أيضاً من ضمن تلك المؤشرات القياسية كدليل على سلامة تلك السياسات الاقتصادية من عدمه؛ تنامي معدلات البطالة، وانتشار مظاهر الفقر، وترهّل الإنتاجية في المجتمع، وضعف توظيف الموارد المادية والبشرية المتوافرة في البرامج الإنتاجية للاقتصاد، التي يُعتمد عليها بالدرجة الأولى لأجل تحقيق القيم المضافة الحقيقية للاقتصاد، كل هذه وغيرها من بقية مؤشرات الأداء الاقتصادي كافية لأن تنبأ المخطط الاقتصادي بالاختلال القائم في عمق سياساته، وتتفاقم مخاطرها تلك على الاقتصاد والمجتمع، إذا ما اقترنتْ بتفشّي مظاهر الفساد المالي والإداري والاقتصادي لتصبح بيئة بديلة تحتضنها، إذ تتحول بصورةٍ مدمرة وخطيرة إلى جدران صلبة تتكفّل بحماية تلك التشوهات، وتعمل في الوقت ذاته على إطالة عمرها وزيادة اتساعها وانتشارها، بما يتطلب من المخطط الاقتصادي جهداً أكبر وأعظم، يتجاوز مجرد تصحيح سياساته الاقتصادية القائمة، إلى ضرورة محاربته لأوجه الفساد، وأهمية العمل على تدمير تلك الجدران الحمائية للفساد وتقويضها من الأساس الذي قامت عليه.
أؤكدها قياساً على تجارب مختلف الاقتصادات عالمياً فشل إجراءات ومعالجات صندوق النقد «الرأسمالي»، فكيف واجهها منطق الإصلاح الاقتصادي القرآني؟! نستكمل معاً الإجابة بمشيئة الله في الغد.