كيف ستخرج «المتكاملة» من هذا الوضع المعقد؟

04/04/2012 39
محمد العمران

بعد إعلان شركة الاتصالات المتكاملة قوائمها المالية والتي تضمنت تحفظ مراجع الحسابات الخارجي عليها، تأكد لنا أن المساهمين المؤسسين لم يدفعوا نقداً قيمة حصصهم التأسيسية البالغة 650 مليون ريال، على الرغم من إعلان وزارة التجارة والصناعة تأسيس الشركة رسمياً، وعلى الرغم من إدراج أسهم الشركة في السوق المالية، وهذا بلا شك يتنافى مع أنظمة ولوائح كل من وزارة التجارة والصناعة وهيئة السوق المالية!

بمعنى آخر، نستطيع القول إنه تم إدراج أسهم مؤسسين في سوق ثم تضاعفت قيمتها بعد الإدراج، بينما في الواقع لم يدفع المؤسسون قيمة هذه الأسهم حتى الآن، بل ما زاد الطين بلة هو قيام المؤسسين بعد ذلك بسحب مبلغ 262 مليون ريال من أرصدة الشركة والمحصلة أساساً من الاكتتاب العام تحت ذريعة أنهم أصدروا ضمانات بنكية بقيمة نحو مليار ريال، بينما لم تصدر هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات الرخصة لمصلحة الشركة، وهو تصرفٌ غريبٌ، على اعتبار أنه إن كان لهم حق فلهم أن يرفعوا قضية على هيئة الاتصالات، إلا إذا كنا نعيش في غابة فهذا كلامٌ آخر!

أعتقد أن هناك خلطاً بين مسألة إصدار الضمانات عند فوز الشركة بالعطاء وبين مسألة تسديد قيمة حصص التأسيس النقدية عند تكوين الشركة، ويجب الفصل بينهما دائماً، وهو ما تم تطبيقه عند تأسيس "اتحاد اتصالات" و"زين السعودية" و"عذيب للاتصالات"، بل يجب أن ندرك أنه ليس من مهام هيئة الاتصالات تسييل الضمانات وتسديد قيمة حصص التأسيس نيابة عن المؤسسين آخذين في الاعتبار أن المصارف التجارية هي الأخرى لا تفضل فكرة تسييل الضمانات مهما كانت الظروف؛ لأن الضمانات في واقع الأمر هي أدوات لتسهيل المعاملات التجارية وليست أدوات للمقاصة المالية.

لفهم مسبّبات هذه المشكلة، أعتقد أن أول التجاوزات تمثل في إعلان وزارة التجارة تأسيس الشركة دون التثبت من وجود شهادة الإيداع البنكي؛ لإثبات أن المؤسسين في شركة الاتصالات المتكاملة قاموا فعلاً بسداد حصصهم التأسيسية نقداً، كما نصّ على ذلك نظام الشركات، وزاد من تعقيد المشكلة قيام هيئة السوق المالية بالموافقة على إدراج سهم الشركة في السوق دون التأكد من سداد كامل رأس المال نقداً، ودون التأكد من حصول الشركة على الرخصة، ثم أكمل المؤسسون مسلسل التعقيد بسحبهم مبلغ 262 مليون ريال دون مسوغ قانوني يجيز لهم القيام بهذا (موافقة الجمعية العمومية للمساهمين مثلاً).

لا شك أن ما حدث كشف لنا حجم التجاوزات التي نعيشها في بيئتنا الاقتصادية، وأعتقد أن قرار هيئة السوق المالية بتعليق تداول سهم الشركة هو قرار صائب؛ للحفاظ على ما تبقى من نظام، لكنه أتى متأخراً جداً. أما الحلول ففي - رأيي - لن تخرج عن ثلاث خطوات: (1) ضرورة قيام المؤسسين بسداد حصصهم التأسيسية نقداً دون ربط ذلك بالضمانات (وهم الذين تعهدوا بدعم الشركة بنحو 2.8 مليار ريال)، ثم (2) إرجاعهم الفوري المبلغ المسحوب بقيمة 262 مليون ريال، في مقابل أن (3) تلتزم هيئة الاتصالات بإصدار الرخصة. ودون هذه الخطوات لن يوجد حلٌ للمشكلة وسيبقى كل طرف موجهاً اتهامه للطرف الآخر، والله أعلم.