استكمالا لما طرحته في الجزئين السابقين , اورد هنا المحورين المتبقيين لمعالجة مشكلة الاسكان في السعودية . وهذان المحوران سهل التعامل لانهما لا يتطلبان الكثير من التعامل مع الاطراف الخارجية (خارج البيئة الحكومية). فالمحور الاول هو الموصفات الهندسية للبناء والتكلفة المصاحبة. والمحور الثاني هو كيفية التعامل مع التمويل لمشاريع الاسكان.
المحور الثالث :المواصفات الهندسية وتكلفة البناء .
مما لايخفى على احد ان احد اهم اسباب ارتفاع تكلفة البناء هو استخدام الطرق التقليدية في البناء. فالمبانى لدينا تحمل مواصفات هندسية تستخدم لبناء ملاجىء اغاثة في بلدان اخرى . فهي تستهلك الكثير من الاسمنت والحديد والقوى العاملة . فعلى سبيل المثال بلاطة السقف لدينا هي بحدود 30سم وكثير من دول العالم المتقدم هي بين 18-25 سم اي ان استهلاكنا من الاسمنت والحديد هو اعلى بما يقارب 30% . وهنا احب ان اشبه طريقة البناء لدينا مثل شخص يريد سيارة ويذهب الى قسم قطع الغيار لدى الوكالة ويطلبها قطعا لتصل تكلفة القطع 5 اضعاف تكلفة السيارة الجديدة. طريقة البناء لدينا هي مثل طلب السيارة كقطع ومن ثم نوكلها الى صنايعي متطفل على الصنعة لتجميع السيارة فمهما حاول لن يستطيع تجميع سيارة تكون بجودة المصنع. بل سيقدم منتج مليء بالعشرات من الثغرات والاخطاء
ومن منظور اخر. فأنة لا يخفى على المسئوليين ان شواهد النقص في المواد الاولية بادية للعيان وسوف تزداد المشكلة كلما فُعلت المشاريع الاسكانية الجديدة ودخلت تلك المشاريع كمنافس جديد في السوق على المواد الاولية. وسوف تؤدي تلك المنافسة الى احد امرين اما تاخر في تنفيذ المشاريع الاسكانية او ارتفاع حاد في اسعار المواد وهذا يضربالجميع . وهنا يجب أن نؤكد انه يجب على القائمين على الموضوع من وزارة الاسكان و وزارة البلديات على تبني انظمة جديدة للبناء جديد تعتمد على ادخال التقنيات التالية:
- تعديل طريقة البناء من الطرق التقليدية الى الطرق الحديثة مثل البناء الوحداتي ( ونقصد هنا طريقة الخرسانة المسبقة الصب)
- ادخال مواد بناء جديدة للاستعاضة او التخفيف في استخدام الحديد مثل الالياف الزجاجية .
- استخدام بلاطات الاسقف الخفيفة والقوية مثل بلاطات ذات الوسط المفرغ (الهالوكور)
- استخدام جدران مسبقة العزل لضمان التقيد بإشتراطات توفير الطاقة.
- الزام المهنسين المعماريين بوضع معاير موحدة لمقاسات الابواب والشبابيك
المحور الرابع والاخير: كيفية التعامل مع التمويل .
من المعلوم لدى الجميع ان الوزارة لديها تمويل بحدود 250 مليار ريال لبناء مشاريع اسكانية ضخمة وتنوي استخدام ذلك التمويل لبناء 500 الف وحدة سكنية علما بأن الطلب يتجاوز 2 مليون(حسب عدد المتقدمين لصندوق التنمية العقارية). ولكوني اعلم حجم الطلب ووضع المواد الاولية فانني مظطرلأن اكون احد التمشككين بقدرة الوزارة على تحقيق تلك الاهدافها الطموحة ضمن الاطار الزمني المتوقع من قبل الوزارة. والسبب ان المشاريع الحالية تتطلب البناء حسب المواصفات التقليدية . فبناء هذا الكم الهائل من الوحدات حتما سوف يسبب اختناقات في قنوات المواد الاولية للبناء. وعليه , اقترح اشراك القطاع الخاص بكل وسيلة . ومن متابعتي لاعلانات الوزارة والصندوق لابد ان اشهد بأنهم يسيرون بالطريق الصحيح نحو تفعيل مشاركة القطاع الخاص من بنوك وجهات تمويل ومطوري مشاريع. وكما اقترح ان تقوم الوزارة بأيجاد حلول مستعجلة بالتزامن مع مشاريع الاسكان الحالية كما يلي:
- شراء وحدات سكنية جاهزة او تاجيرها بعقود طويلة الامد ومن ثم اعادة تأجيرها على المحتاجين باسعار مناسبة وبهذا نخفف من الطلب المتزايد على المواد الاولية واستخدام ماهو جاهز ومتوفر من مساحات اسكانية. وبذلك نخفف الضغط على تصاعدد اسعار الايجارات ونقلل من الاشتراطات التعسفية لملاك العقارات على المستأجرين السعوديين. وتكون حلا مرحليا حتى تكتمل مشاريع الاسكان التابعة للوزارة .
- تقديم عروض عقود استئجار طويلة الامد(40-50سنة) على ملاك المساحات البيضاء داخل النطاق العمراني في المدن الكبرى فهي تحمية من اية مطالبات زكوية وتقدم دخل جيد لملاك الاراضي. وبمثل هذا الاجراء تكون الاستفادة اعم. فيستفيد المتقدم من السكن في مناطق متكاملة الخدمات وبالقرب من النشاطات والمنشأت الحضرية .
- واخيرا استخدام جزء من التمويل المتوفرحاليا بنظام الرافعة . كأن تقوم الوزارة بتأسيس شركات تقوم بدور بنوك الظل وتعرض سندات مضمونة بأصول عقارية للاسواق العالمية وتقوم الوزارة بتخصيص مبلغ من المال لزيادة الامان لضمان حقوق المستثمرين على تلك السندات اي انها تقوم بدور الضامن في حالة التعثر الجزئي.
وبهذا تستطيع الوزارة من استخدام مواردها الحالية بصورة اكثر فاعلية . وتقدم حلول اسرع واكثر نفعا وتقديم خدمة لنطاق أوسع من المحتاجين للسكن .
لقد اسمعت لو ناديت حياً ... ولكن لا حياة لمن تنادي