نأتي هنا للإجابة على السؤال الثالث والأخير: لماذا استمرَّ انهيار السوق طوال الفترة الممتدة من 26 فبراير 2006م إلى يومنا هذا التي بلغ عمرها الزمني تحديداً ألف و509 أيام عمل؟ بدايةً أؤكد أن الجهاز المالي والاقتصادي وقع تحت تأثير (وهم) الفكرة الاقتصادية (السوق خاضع لقوى العرض والطلب) ، عبارةٌ لم يقم لها أي قائمة في السوق لا قبل الانهيار (حينما اعتلى الطلب العنيف كتفي العرض الهزيل)، ولا حتى بعد الانهيار (حينما أغرق العرض الهائل رقبة الطلب الهارب). كان أخطر ما بثه الاقتناع بتلك العبارة هو الوقوف أمام اختلال السوق مكتوفي الأيدي! فيما تطلّب الأمر ممارسة جميع المهام والأدوار والمسؤوليات التنظيمية لتحقيق التوازن والاستقرار، دون التدخّل المباشر في تلك القوى، كان المأمول قبل وبعد الانهيار ضرورة العمل واستمراره على خلق البيئة المناسبة، التي تكفل فعلياً عدالة وتكافؤ القوى (العرض، الطلب)، وهو أمرٌ مختلف جذرياً عن تحديد اتجاه وقوة أي من القوتين!
وهذا للأسف ما حدث قبل وبعد الانهيار! فقبله تُركت القوى على علاتها، وبعده تم التدخّل برعونةٍ في تحديدها! وكلا (الفعلين) نتيجته دون شك كانتْ الفشل!تركّزت بقية أجندة (إصلاحات) السوق على: (1) زيادة عدد الشركات المساهمة المدرجة، بهدف زيادة الخيارات الاستثمارية (زيادة العرض)، وصل عددها من بعد الانهيار حتى الآن إلى 74 شركة مساهمة. (2) تقليص المساحة المتاحة للمستثمرين الأفراد قدر الإمكان. فماذا حدث؟ هل نجح العطّار في إصلاح ما أفسده هو وليس الدهر؟
كتبتُ وتحدثتُ كثيراً والعديد معي حول إجابات هذه الأسئلة ما يضيق به المجال هنا، غير أن الإجابات الساطعة والقاطعة اجتمعتْ في نهاية طريقها عند واقع السوق، إذ لم يُفلح العطّار! فقد قابل كل ذلك زحفا هاربا للمستثمرين وللسيولة؛ أبقى السوق مع خيبات هذه الحلول، تتردّى في نفقها المظلم ولم تخرج منه حتى الساعة.. وفي الغد ختام هذه الذكرى.