هل يمكن أن يتحسن أداء سوق الكويت للأوراق المالية خلال هذا العام؟ ربما يمثل هذا السؤال أهمية كبيرة لدى المتعاملين في سوق الكويت للأوراق المالية، وقد بدت علامات التحسن بارتفاع قيمة التداول اليومية، حيث بلغت ستين مليونا أو أقل من ذلك خلال أحد الأيام الفائتة، كما تعدى المؤشر السعري حاجز الستة آلاف نقطة قبل أن يتراجع. هناك علامات إيجابية وعناصر محفزة منها ما سبق الإشارة إليه من ارتفاع مستويات السيولة وإعلان البنوك عن أرباح جيدة، وكذلك إعلان عدد من الشركات مثل شركات المواد الغذائية عن أرباح، وهناك ارتفاع في أرباح هذه الشركات قياساً بأرباح عام 2010. وجاء إعلان تشكيل الحكومة التي ضمت وزيراً للتجارة والصناعة سبق له العمل في السوق المالية وهو عضو في مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة ليؤكد الاهتمام بتمثيل قطاع الأعمال في هذه الحكومة. لكن يظل أهم من ذلك مدى قدرة هذه الحكومة على ترتيب الأوضاع الاقتصادية في البلاد بما يخدم التوسع في الأنشطة والأعمال ويحرر الاقتصاد من القيود البيروقراطية والسياسية والتي تحول دون التوظيف الأمثل للموارد البشرية والمالية والمادية بما ينعكس إيجابيا على الأداء الاقتصادي العام ثم على أداء سوق الكويت للأوراق المالية.
لقد أبديت، ولا أزال أبدي، تحفظات على توجهات أعضاء عديدين من مجلس الأمة وطرح البعض منهم لأفكار لا تتناسب مع منظومة الفكر الاقتصادي المعاصر، ومنها مسائل تتعلق بالعمل المصرفي والفوائد ومحاولة أدلجة العمل الاقتصادي. إن الأدوات المالية والاستثمارية يجب أن تتنوع وتتاح للمستثمرين والمستهلكين بما يتناسب مع اختياراتهم ومصالحهم دون قيود. وإذا وجدت أدوات الاستثمار والتمويل الإسلامية فإن ذلك يجب الا يعني إلغاء الأدوات التمويلية التقليدية. ما هو مطلوب هو أن تتاح كل البدائل بموجب القوانين الواضحة والتي تعزز الشفافية. يضاف إلى ذلك أنه لا بد أن يفهم الجميع بأن الاقتصاد الكويتي هو اقتصاد مكشوف على الاقتصاد العالمي، ونقوم بتوظيف جل فوائضنا المالية في أسواق المال العالمية، ومنها في الأسهم والسندات التي تعتمد الأنظمة المالية التقليدية. ولا يمكن أن نتحرر من هذه الأدوات الاستثمارية دون أن نلحق بثروتنا المالية خسائر جسيمة. كذلك فإن العديد من الشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية تستثمر أموالاً مهمة في الأسواق المالية العالمية وفي أدوات استثمارية متنوعة تتحكم بها قوانين البلدان التي صدرت منها، ولا نملك أي سلطة عليها.
هذا وتمثل استقالة محافظ بنك الكويت المركزي متغيراً مهماً في الإدارة الاقتصادية بعد أن شارك في صياغة السياسات المالية والنقدية لأمد طويل جاوز الـ 28 عاماً، وكان من أهم عناصر الاستقرار والطمأنينة في الإدارة بالرغم من المصاعب التي لا بد أن واجهها من أجل تحقيق استقلالية بنك الكويت المركزي في ظل ظروف سياسية صعبة ومعقدة. ولذلك فإنه إذا ما أصر المحافظ على استقالته فإن البحث يجب أن يكون عن بديل متمرس بالعمل المصرفي ويجيد فنون الرقابة المصرفية وذا صلة بالتطورات المالية والنقدية الجارية في العالم. وغني عن البيان أن السياسة النقدية وما قد يؤثر بها ذات علاقة وثيقة مع أي تحولات ومتغيرات في السوق المالي. هناك ضرورة لتحسين مستويات السيولة وتعزيز إمكانات الاقتراض من قبل المتعاملين بموجب شروط معقولة.
وإذا ما تم تنظيف السوق من الشركات المتعثرة، وكما قررت هيئة أسواق المال مؤخراً، فإن الأدوات الأخرى المتاحة قد تكون استثمارات جيدة يمكن تمويل عمليات اقتنائها بمستوى مخاطر مناسب.