دعم أفكار المشاريع الصغيرة يخدم التشغيل والتوطين

18/08/2009 7
حسان بن عبدالله علوش

يكاد لا يمر يوم من الأيام إلا ونسمع من خلال وسائل الإعلام المختلفة بابتكارات فريدة ومشاريع وليدة ومميزة من قبل الشباب والطلاب لدينا في المنطقة بدولها المتعددة.

فمرة نسمع اختراعا من طالب، ومرة نسمع عن فكرة أو اختراع أذهل جمهورا، ومرة نسمع مشروعا بدأ بدراهم معدودة فأصبحت قيمته الآلاف المؤلفة .. وهي أمثلة سلط عليها الإعلام ضوءا ومالم يسلط عليه هو أكثر بكثير. 

الأفكار الناجحة في مجال الأعمال موجودة لدى الكثير من أفراد قوة العمل، وهذه الأفكار من الممكن أن تترجم في الواقع العملي إلى مشاريع صغيرة فإذا نجحت ووفقها الله تعالى تحقق المراد منها وأكثر، وإن لم تنجح فلم نخسر كثيرا من التجربة لأن المشروع تحت بند : "المشاريع الصغيرة"، بل استفدنا منه خبرة أثرت المعرفة العملية لدينا وربما تمنع وقوع أخطاء شبيهة في المستقبل.

من وجهة نظري أن دعم أفكار المشاريع الصغيرة حل من الممكن تبنّيه لتشغيل أكبر قدر ممكن من قوة العمل، وعامل مهم في تقليص البطالة وفي التوطين في الدول التي تجلب عمالة خارجية، فالمواهب والأفكار الجيدة خصوصا في مجال الأعمال هي هبة من الله أكاد أجزم بوجودها لدى الكثيرين.

فعلى سبيل المثال: لو أن لدى أحد الشباب من خريجي الجامعة فكرة استثمارية ومشروعا صغيرا، وتم عرضه على هيئة تدعمه بحيث تتم دراسة الفكرة وتطبيقها من خلال قرض حسن أو منحة أو إعفاء من الرسوم أو مكان مخصص للمشروع، أو غير ذلك من التسهيلات (وبدون عوائق طويلة وبروقراطية مملة)، فلو نجحت هذه الفكرة الاستثمارية وأصبحت مشروعا على أرض الواقع سواء كان صناعيا أو تجاريا أو خدميا، فإننا ضربنا بها عدة عصافير بحجر واحد: حيث تم تشغيل هذا الخريج ودخل إلى سوق العمل "أولا"، واستفاد الاقتصاد والمجتمع من مشروع جديد سيضيف إضافة إيجابية إلى الناتج المحلي للدولة "ثانيا"، وقد يكون المشروع الجديد بابا لتشغيل مواطن آخر خصوصا إذا تم الإلزام بذلك مقابل الدعم الذي حصل عليه المشروع "ثالثا"، وتكوّنت لدى شباب المجتمع معارف وخبرات واستثمارات قابلة للنمو وقد تصبح عالمية مع الوقت وتنفع الجميع "رابعا".

المنطقة العربية من أكثر دول العالم نموا سكانيا خصوصا منها دول الخليج ودول الشام، حيث تصل معدلات النمو السكاني إلى ما يقارب 3% في عدة دول منها، وهي من أعلى نسب النمو السكاني في العالم، وقد ينظر البعض إلى هذا النمو باعتباره ثقلا وعبئا على الاقتصاد والوطن، لكن لو نظرنا له بعين ذكية ((أو بعين يابانية كما يرى البعض)) لوجدناه مكسبا من مكاسب الوطن، فأصبح لدينا موارد بشرية كافية ومستهلكين ومنتجين .. ولكن بشرط تنمية هذه الموارد وتطويرها علميا وعمليا.

الدولة مهما وطّنت الوظائف في القطاع العام وإلى الحد الأقصى الممكن كما في السعودية، فإنها لن تستطيع استيعاب الأعداد الهائلة الداخلة سنويا إلى سوق العمل.

وإذا انتقلت الدولة إلى توطين القطاع الخاص فإنها قد تصطدم بتعارض المصالح الخاصة مع المصلحة العامة وهنا ينشئ التحايل، ومهما بذلت الدولة جهودا لتوطين القطاع الخاص فإنه ستكون هناك ثغرات واختلاف مصالح وتقديرات وخلل، خصوصا في ظل ضعف قوانين العمل والإحصاءات الاقتصادية واللجان المتخصصة والتقديرات العلمية والعملية للاحتياجات العمالية والخبرات وأولويات الاقتصاد.

لا أعلم لماذا تهمل أفكار المشاريع الصغيرة ويهمل دعمها في بعض المناطق، ولماذا يتم ترسيخ فكرة المستقبل الوظيفي، و"مستقبلي موظف" لدى الشباب وكأنه هو الباب الحصري للرزق أمام الخريج أو الشاب مع أن باب المستقبل الاستثماري في المشاريع الصغيرة واسع، ولماذا تنتشر خطة "التدريب من أجل التوظيف" فقط ولا تنتشر فكرة "التدريب والتعليم من أجل الإبداع وخلق المشاريع والاستثمار" فهي باب واسع للنمو وحل ممتاز لاستيعاب قوة العمل المتنامية، وهناك بعض المبادرات العربية والعالمية التي حصلت لدعم مشاريع الشباب، حققت الكثير من النجاحات.

أظن أن دعم أفكار المشاريع الصغيرة وإتاحة الفرصة لتطبيقها على أرض الواقع من أهم الأسلحة في الحرب على البطالة المستعرة، (طبعا دون الانقاص من الحلول الأخرى كالتوظيف والإحلال والتوطين).