توقعات أسعار البترول في العالم إلى عام 2035 (2 - 2)

11/02/2012 2
د. أنور أبو العلا

في زاوية السبت الماضي قلنا إن سيناريوهات إدارة الطاقة الأمريكية تقول إنه إذا بقيت الظروف الحالية كما هي عليه الآن فإنها تتوقّع أن يكون سعر برميل البترول 230 دولارا عام 2035. لكنها تقول أيضا إنه توجد احتمالات بأن تحدث تغييرات في الظروف الحالية تؤدي إما الى ارتفاع سعر البرميل الى 320 دولارا أو الى إنخفاض سعر البرميل الى حوالي 59 دولارا عام 2013 ثم يأخذ في الارتفاع التدريجي الى أن يعود السعر الإسمي إلى مستواه الحالي 110 دولارات تقريبا عام 2035.

ثم علّقت أنا على الموضوع بأن قلت أنه إذا تغيرت الظروف فإن السيناريو الأقرب الى الواقع هو أن يرتفع سعر البترول الى 320 دولارا للبرميل لا أن يبقى السعر عند مستواه الحالي 110 دولارات للبرميل عام 2035 (أي أقل من 65 دولارا بأسعار عام 2010). الأسباب التي تجعلني أؤكد انه من المستبعد جدا ان يكون سعر البرميل حوالي 110 دولارات عام 2035، لأن هذا السيناريو لن يحدث إلا في حالة افتراض حدوث ظروف معاكسة تماما للظروف التي قلنا في زاوية السبت الماضي أن حدوثها يؤدي الى ارتفاع أسعار البترول أي أن يحدث واحد ( أو خليط) من التالي:

أولا: أن يتغيّر اتجاه سعر صرف الدولار من الانخفاض الى الارتفاع بحدة كأن يصبح الدولار الواحد يساوي أكثر من 120 ينا أو يساوي أكثر من 1.20 يورو مثلا.

ثانيا: أن يتغيّر اتجاه انتاج (عرض) البترول الخام التقليدي من الانخفاض الى الارتفاع كأن بدلا من أن ينخفض العرض الى أقل من 62 مليون برميل في اليوم يرتفع العرض الى أكثر من 72 مليون برميل في اليوم مثلا عام 2035.

ثالثا: أن يحدث تقدم تكنولوجي مفاجئ يؤدي الى التوصل الى انتاج بديل لامداد وسائل المواصلات بالطاقة بتكلفة لا تزيد عن 110 دولارات لما يعادل طاقة برميل البترول.

لو أخذنا كل واحد من هذه المتغيّرات على حدة لوجدنا ان أكثرها احتمالا لأن يحدث (رغم ان حدوثه غير متوقع) هو ارتفاع سعر صرف الدولار الى المعدلات التي ذكرناها في أولا (أعلاه). ولكن حتى في حالة افتراض حدوث هذا الاحتمال فإن السعر الحقيقي للبترول سيكون وكأنه حوالي 172 دولارا للبرميل نسبة لسعر صرف الدولار عام 2010 أي بدلا من ان يدفع المستورد الأوروبي مايقارب 84 يورو للبرميل فإنه سيدفع ما يقارب 134 يورو للبرميل. كذلك المستورد الياباني بدلا من ان يدفع ما يقارب 8300 ين للبرميل سيدفع ما يقارب 13200 ين للبرميل.

أما احتمال حدوث الاحتمال الثاني أي زيادة انتاج البترول الخام التقليدي عام 2035 عن مستواه لعام 2010 فإنه يكاد ان يكون ضربا من الخيال لأن معظم انتاج البترول الآن يأتي من حقول عجوزة منهكة وتعويض انخفاض انتاجها لا يمكن إلا إذا تم اكتشاف حقول كبيرة لها نفس مزايا الحقول الحالية، وهذا ايضا يكاد يكون ضربا آخر من الخيال لأن معظم بقاع الأرض تم التنقيب فيها وكل الرهان الآن هو على اكتشاف حقول صغيرة متناثرة لا يمكن مقارنتها بدرة حقول البترول النبيل في العالم (حقل الغوّار) أو الرهان على البترول غير التقليدي، أما البترول التقليدي أو الذي تقل تكاليف تسويقه عن 110 دولارات للبرميل فإن اكتشاف حقول كبيرة يعتبر معجزة في زمن لا يقبل المعجزات.

يبقى الاحتمال الثالث هو ان يحدث تقدم تكنولوجي مفاجئ في صناعة السيارات مثلا يجعلها تسير باستعمال وقود لا تتجاوز تكلفة الحصول عليه 110 دولارات بما يكافئ طاقة برميل البترول، وهذا مستبعد لأنه كما يقال ليالي العيد تبان من عصاريها، بينما كل العصاري مظلمة حالكة السواد لا تدل على أنهم سيجيبون العيد خلال العشرين او حتى الخمس والعشرين سنة القادمة.

في زاوية السبت القادم - إن شاء الله - سنناقش الرسم البياني رقم 6 (صفحة 4) عن توقعات إدارة الطاقة الأمريكية للتغيير في انتاج السوائل التقليدية خارج دول اوبك خلال الأعوام 2010 - 2035 وماهو التأثير المتوقع على انتاج بترول دول مجلس التعاون.