توقعات أسعار البترول في العالم الى عام 2035 (1 –2)

04/02/2012 1
د. أنور أبو العلا

لقد وجدت نفسي في شبه ورطة لأنني كنت أنوي أن أخصّص موضوع زاوية اليوم للمقارنة بين تقرير شركة البترول اكسون موبل وتقرير إدارة الطاقة الامريكية EIA عن توقعاتهما لأسواق الطاقة في العالم خلال الثلاثين سنة القادمة. ولكن فوجئت ان التقرير الذي وصلني في الإيميل من إدارة الطاقة الأمريكية هو تقريرها عن توقعات أسواق الطاقة في أمريكا، وليس كما كنت اعتقد انه تقريرها الذي إعتادت أن تنشره عن توقعاتها لأسواق العالم فكلا التقريرين يصدران في وقت متقارب كل سنة وكلاهما يحمل في عنوانه عبارة مشتركة The energy outlook. قلت لنفسي: الخير فيما اختاره الله فأمامي خياران إما أن أستخدم تقرير إدارة الطاقة الامريكية للعام 2011 لا سيما أنه موجود عندي وإما أن أغيّر موضوع الزاوية للكتابة عن تقرير التوقعات عن أسواق أمريكا لأنه هو الأحدث ( أوالطّازة الذي لم يتم تداول معلوماته بعد) وكذلك لأن ما يحدث اليوم في أمريكا يحدث غدا في العالم.

رغم أن التقرير هو عن توقعات أسواق الطاقة في امريكا، إلا انه لحسن الحظ لا يخلو من معلومات قيّمة عن توقعات أسواق الطاقة في العالم نادرا ما نجدها في تقارير الجهات المتخصصة الأخرى، فعلى سبيل المثال في الصفحة رقم 4 يوجد رسمان بيانيان أحدهما عن توقعات أسعار البترول في العالم والآخر عن توقعات انتاج السوائل في الدول خارج اوبك الى عام 2035.

يقول الرسم البياني رقم 5 (صفحة 4) ان متوسط أسعار البترول في العالم سيرتفع من حوالي 106 دولارات عام 2011 الى 145 دولارا للبرميل عام 2035 بالأسعار الحقيقية. أما بالأسعار الأسمية فسيصل السعر الى 230 دولارا للبرميل. لكن في نفس الوقت يقول نفس الرسم البياني انه من المحتمل أيضا ان يقفز السعر الحقيقي الى 200 دولار للبرميل (أي 320 دولارا بالسعر الأسمي). كذلك من المحتمل ايضا ان ينخفض السعر الحقيقي الى 65 دولارا للبرميل (أي يبقى متوسط السعر الأسمي طوال خمس وعشرين سنة أقل من 110 دولارات) الى عام 2035.

هذا التفاوت الكبير المحتمل في سعر برميل البترول بأنه ربما يقفز الى 320 دولارا أو ربما يبقى أقل من 110 دولارات طوال الخمس وعشرين سنة القادمة لا شك انه سيثير الشكوك لدى معظم القراء بأن قدرة الجهات المختصة على استشراف مستقبل أسعار الطاقة هو نوع من السفسطة التي لا تستند على أسس علمية راسخة. ولذا فإن ادارة الطاقة الأمريكية تستدرك فتقول انها ستطرح سيناريوهات متعددة وستناقش أسباب الغموض وعدم اليقين الذي يحيط بمستقبل أسواق الطاقة في تقريرها الكامل الذي ستصدره في 26 ابريل 2012 (أي بعد 3 شهور).

إذن كل ما علينا هو ان ننتظر حتى 26 ابريل القادم (أقل من تسعين يوما) لنرى ماهي التفاصيل التي ستوضحها لنا ادارة الطاقة الأمريكية، ولكن هذا لا يمنع من أن أطرح وجهة نظري الشخصيّة الآن في الموضوع، فأقول باختصار ان احتمال ان يقفز السعر الى 320 دولارا فنعم. أما احتمال ان يبقى السعر أقل من 110 دولارات فكلا.

قبل ان أبرّر وجهة نظري يجب ان أعترف ان ادارة الطاقة الأمريكية EIA هي أكبر جهة لديها امكانيات للتحدث عن الطاقة وأن منشوراتها المتاحة للجميع بالمجان هي أهم مرجع استقي منه ما احتاجه من المعلومات فأنا لا أنتقد قدراتها بل العكس أرى ان سيناريوهاتها هي أفضل السيناريوهات المتاحة، ولكن فقط أريد ان أنظر الى سيناريوهاتها من زاوية تختلف عن الزوايا التي ينظر منها الآخرون.

ان احتمال ارتفاع سعر البرميل الى 320 دولارا هو الأقرب الى الواقع بسبب احتمال حدوث واحد (او خليط) من متغيّرات متعدّدة سأكتفي بذكر ثلاثة منها كالتالي:

أولا: استمرار انخفاض سعر صرف الدولار بالنسبة للعملات الأخرى كأن ينخفض مثلا سعر صرف الدولار الى أقل من الستين ينا أو أقل من 60% من اليورو.

ثانيا: انخفاض انتاج الخام في بعض الدول كأنخفاض انتاج روسيا الحالي من ما يقارب أحد عشر مليون برميل الى أقل من سبعة ملايين برميل مثلا.

ثالثا: حدوث انتكاسة غير متوقعة في زيادة انتاج السوائل غير التقليدية سواء لصعوبات تكنولوجية أو لاعتراضات بيئية.

الأسبوع القادم - إن شاء الله - سنوضّح لماذا لا يمكن بقاء سعر برميل البترول عند مستوى (أو أقل من) 110 دولارات للبرميل.