العقار بين الركود والهبوط

29/01/2012 6
محمد العنقري

اتجاهات السوق العقاري تشهد حالة من التذبذب بالوقت الحاضر ومن الواضح أن إرهاصات القرارات الحكومية التي بدأت بالعام الماضي أصبحت آثارها ضمن حسابات السوق وتوقعاته وهذا ما أدى بداية إلى حالة من الجمود بالسوق قبل عدة أشهر انخفضت معها حركة النشاط العقاري بشكل عام مع تمسك العارضين بأسعارهم لكن الظروف بالوقت الحالي تبدلت قليلا فالأسعار بدأت بالتراجع وبحسب معلومات من السوق فإن أسعار أراضي الأطراف في المدن الكبيرة كالرياض وهي المصنفة أراضي مضاربة انخفضت بنسب فاقت عشرين بالمائة بينما تزداد عروض التأجير التجاري بشكل ملفت في أغلب أحياء وشوارع الرياض الحيوية فمنظر اللوحات التي تعلق للإعلان عن وجود وحدات للتأجير على المحال والعمائر التجارية بات مشهدا مألوفا وأسعار الإيجار باتجاه منخفض نظرا لتكدس العروض بالوقت الذي ينتظر السوق ملايين الأمتار لمشاريع معدة للإيجار التجاري أبرزها المركز المالي الذي سيضيف لوحده مليون متر مربع خلال العام الحالي والعامين القادمين على أبعد تقدير أما الوحدات السكنية فمن الواضح أن التطوير العشوائي الذي نفذه صغار المطورين ورفع من وتيرة بناء الوحدات أتخم السوق بآلاف الوحدات مما أرغم بعضهم على القيام بقبول خفض بأسعار الوحدات قارب خمسة بالمائة حاليا حسب معلومات من السوق رغم أن البعض تمسك بأسعاره وما زال ظنا منه أن السوق سيستوعبها بناءً على معلومات الطلب النظرية التي توردها العديد من التقارير المتخصصة لكن تأخر صدور أنظمة الرهن والتمويل العقاري قلل من حجم الأموال المقرضة للتمويل العقاري السكني إضافة إلى تحرك الصندوق العقاري الإيجابي بتغيير آلية عمله واتخاذه للعديد من القرارات المهمة كإلغاء المدة المحددة للحصول على القرض وكذلك عمر الوحدة التي يمكن تمويل شراءها ليصبح عشرين عاما والعديد من الإجراءات الأخرى التي يبدو أنها تتيح للصندوق أن يعمل بآليات تجارية من حيث المنهج وليس العائد، ومما يعزز النظرة السلبية للاستثمار بالعقار التجاري تحديدا عزوف البنوك عن تمويل المشاريع التجارية العقارية واشتراط غالبيتها لضمانات إضافية لتقديم التمويل غير الأرض محل المشروع فالممولون يرون أن الأسعار للأراضي مرتفعة ولا تغطي قيمة التمويل لأن المخاطر المستقبلية من وجهة نظر الممول مرتفعة خوفا من انخفاض قيمة الأرض بسبب ارتفاعها، كما يرى المطورون الكبار أن العائد من الاستثمار التجاري منخفض وليتعدى أربعة بالمائة حاليا بأحسن الأحوال إذا ما تم إنشاء أي مشروع على أراضي بأسعار المرحلة الحالية وكذلك تكاليف التمويل والإنشاء أيضا نظرا لمزاحمة المشاريع الحكومية سوق الإنشاءات، العقار يمرض ولا يموت ولكنه يتجه كغيره من الأصول إلى أسعار عادلة تتناسب مع عوامل السوق وظروفه وعندما تبدأ المراحل التنفيذية لمشروع الإسكان الحكومي الكبير الذي تم رصد تمويله البالغ 250 مليار ريال فإن التصحيح السعري للعقار بمختلف أنواعه التأجير والبيع سواء الأراضي أو الوحدات سيدخل مراحله القوية والواضحة التي ستصل بالأسعار لما يتناسب مع القيم المنطقية والمقبولة لكل الأطراف الفاعلة بالسوق.