بدا واضحاً مما سبق أن أزمة العقار برزت على السطح المحلي لعدة أسباب رئيسة، بدأتْ من ضيق قنوات الاستثمار المحلية التي كان من المفترض اتساعها من أجل امتصاص وتوظيف السيولة الهائلة الحجم عبرها، ضاعف من اضطرامها أن جُل تلك السيولة الهائلة تتركز قوتها الأكبر لدى شريحة ضيقة من السكان، لم تجد أفضل من (الابن البار) مخزّناً لقيمتها واستثمارها فيه! ثم لتأتي عافيته (الواهمة) عبر ارتفاع أسعاره نتيجة المضاربات والتدوير مستفيدةً من تركّزه لدى أصحاب الثروات المعدودين نسبةً إلى إجمالي السكان! وساعد قبل هذا وبعده آلية المنح بمساحاتٍ شاسعة جداً لملاكٍ محدودي العدد جداً، انتقلت ملكيتها لاحقاً بأسعارٍ متدنية إلى ملاكٍ مقتدرين مالياً، ومنهم بعد تفتيتها إلى ملاكٍ أدنى مالياً وبهامشٍ سعري مغر، وتستكمل الرحلة مجرياتها بتفتيت المساحات مقترنةً برفع هوامش الأسعار، إلى أن تصطدم بالمستفيد النهائي بأسعارٍ تفوق دخله الإجمالي كاملاً لأكثر من عشر سنواتٍ قادمة! مهمٌ جداً أن تتذكر فقرة الإغراق والاحتكار التي ذكرتها بالأمس..
كل ما تقدّم آنفاً، وقعتْ معاركه الضارية في مناطق ضيقة المساحة، انتقلتْ أصداؤها حتى للمناطق التي لا يوجد فيها أية مقدمات أو أسباب منطقية لارتفاع أسعار الأمتار فيها. انطلقت الشرارة الأولى والأقوى من المدن التي اكتظت بالسكان، المدن التي اتسمّت بارتفاع درجة التركّز السكاني فيها، حيث وفقاً لتعداد 2010م الأخير تستأثر خمس مدن رئيسة (الرياض، جدة، مكة، المدينة، الدمام) بنحو 44.1% من إجمالي السكان (12.2 مليون نسمة)، تركّزت تجمعاتهم في ما لا تتجاوز مساحته من إجمالي مساحة البلاد أكثر من 0.5%! ليصبح متوسط الكثافة السكانية حسب تعداد 2010م للمدن الخمس أعلاه نحو 2321 نسمة لكل كيلومتر مربع. هل من حلولٍ أمام كل هذا؟! أتابع غداً لنرى.