شهدت صناعة البتروكيماويات، انخفاضاً كبيراً في أسعارها منذ شهر أغسطس الماضي، بسبب الأزمة المالية العالمية، وقد جاء ذلك بعد تحقيق القطاع أرباحاً غير مسبوقة، للسنوات الخمس السابقة.
ولكن لم يفت على بعض المحللين ملاحظة أنه بعد صدور ميزانيات شركات البتروكيماويات السعودية للنصف الأول من عام 2009م، فقد بدا أن أداءها متباين بشكل كبير، وأهم من الأرقام، فإن التبريرات التي ساقتها كل شركة لأدائها المتواضع، وكثير منها تبريرات لم يسبق الإشارة إلى احتماليتها، كانت غير مفهومة. وبمعنى آخر فإن تلك الشركات، وبالرغم من أنها تعمل في بيئة متماثلة (مع بعض الاختلاف في نوعية المنتجات)، فإن نتائجها، والشرح المصاحب للنتائج، يستعصي على المحللين فهمه، أو هكذا يقول المحللون.
وللجواب على ذلك، سأقدم رأيين، أحدهما لصالح الشركات، والآخر ضدها:-
الأول هو أن شركات البتروكيماويات السعودية كلها تمر بمرحلة نمو، وهي مختلفة من حيث درجة نموها، ومدى وصولها إلى طاقاتها القصوى، ولأنها تحصل على رؤوس أموال المساهمين مقدماً، وقبل فترات لا تقل عن ست سنوات، من تاريخ التشغيل التجاري لكل مشروع، فذلك يظهر دائماً، وأبداً، أن العائد على السهم هو أقل من غيره، وكذلك الحال تجاه عدد من النسب، والمعايير التي يستخدمها المحللون للمقارنة بين شركة وأخرى، وقطاع وآخر.
أما الحجة ضد تلك الشركات، فهي أنه ليس سراً أن بعض دور الإدارات التنفيذية، ومن ورائهم مجالس الإدارة، هو دور أساسي في الشرح والتوضيح، أو إخفاء الحقائق لأطول مدة ممكنة، وهو ما حدث هنا منذ بدء الأزمة في شهر أغسطس 2008م.
وبدون ذكر أسماء شركات بعينها، فإن قلة صرحوا، ونبهوا إلى حجم المشكلة القادمة، وبدأوا بعمل ما تتطلبه من حيطة وحذر، بما في ذلك الإعلان عن خسائر متوقعة. وكان هناك آخرون، أنكروا وجود المشكلة كلية، أو قللوا من حجمها، ولذلك نجد اليوم قضايا مثل موضوع إطفاء الشهرة، ما زال غامضاً من قبل الشركات التي اشترت أصولاً بها ذلك البند، وآخرون وضعوا مخصصات في الربع الثاني من العام المالي، عن مبيعات تخص عام 2008م! والبعض يدمج نتائج أعمال شركاته الخارجية، بدون إيضاحات لمساهميه حول أدائها، ولكن لاحقاً يكتشف المساهمون أن تلك المعلومات متوفرة في الخارج، بسبب قوانين الإفصاح الخارجية!!.
نعم أنا هنا ألوم زملائي العاملين في هذا القطاع، لأنهم خلقوا الكثير من الضبابية حول صناعة البتروكيماويات، وكان يفترض أنها الأكثر شفافية بحكم ارتباطها بالاقتصاد العالمي، لذلك أقدم نصيحة لمن يرغب في دراسة مستقبل صناعة البتروكيماويات السعودية، وإلى أن تتكون في منطقة الشرق الأوسط قدرة استيعابية كافية لمنتجاتنا، فإن عليهم أن يتابعوا مؤشرات الاقتصادين الصيني والأمريكي، ومن خلال ذلك سيمكنهم وضع توقعاتهم لمستقبل صناعة البتروكيماويات السعودية.
أما بخصوص درجة الإفصاح، ونوعيته، فهذه قضية ستبقى معنا، حتى تتمكن هيئة السوق المالية من معالجتها، بما تتطلبه من متابعة، وحزم.
أحترم بشكل خاص الشفافية العالية لشركة المجموعة السعودية وافصاحها الشهري عن نتائجها وياليت كل شركاتنا تحذو حذوها