من يتجمل على الآخر يا شركات الأسمنت؟

11/01/2012 10
محمد العمران

في السنوات الأخيرة، تكررت مشكلة الارتفاعات غير المبررة لأسعار مادة الأسمنت في العديد من مدن المنطقة الغربية حتى بلغت الأسعار حالياً ما يقرب من 20 ريالا للكيس على الرغم من وجود فوائض في الطاقات الإنتاجية ومخزون الكلنكر لدى غالبية مصانع الأسمنت في المملكة، وعلى الرغم من تحديد سعر البيع الرسمي (تسليم المصنع) عند مستوى 13 ريالا للكيس الواحد والرقابة الصارمة التي تطبقها وزارة التجارة على تجار التجزئة ومتعهدي النقل لضمان عدم وجود تلاعب في الأسعار أو توفير الكميات المطلوبة إلى المستهلك النهائي.

هذا يعني أن تجار التجزئة والنقل مجتمعين يحققون أرباحاً تصل لنحو 35 في المائة من بيع و نقل كل كيس أسمنت، أما مصانع الأسمنت فهي تتمتع بهامش صافي ربح يبلغ في المتوسط نحو 50 في المائة مما يدل على أن تكلفة كيس الأسمنت الواحد على المصانع لا تتعدى في المتوسط خمسة أو ستة ريالات فقط، وهي بالتأكيد نسب هامش صافي ربح مرتفعة جداً (بل فاحشة) لا نجدها الآن في أي من الأصول الاستثمارية بما في ذلك الاستثمار في الشركات البتروكيماوية في المملكة التي في المتوسط لا يتعدى هامش صافي الربح فيها 18 في المائة، وهو ما يدعونا إلى التساؤل عن مبررات تحديد سعر البيع الرسمي لكيس الأسمنت عند 13 ريالا؟ ولماذا لا يكون عند تسعة ريالات أو أقل من ذلك؟

الآن في ظل الأمر الملكي الكريم المتعلق بتخصيص مبلغ 250 مليار ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية في جميع مناطق المملكة، فإن الوضع المستقبلي لأسعار الأسمنت وتوافر الكميات اللازمة قد يتفاقم لما هو أسوأ مع وجود طاقات إنتاجية لدى مصانع الأسمنت لم تستغل حتى الآن بالشكل المطلوب. ولتفادي أي اختلالات في ميزان العرض والطلب مستقبلاً، أرى الآن أنه لا توجد مبررات من تطبيق الحمائية على واردات المملكة لمادة الأسمنت آخذين في الاعتبار وجود فوائض كبيرة من الطاقات الإنتاجية غير المستغلة لدى مصانع أسمنت كبيرة في دول مجاورة شقيقة (مثل مصر والإمارات)، حيث يباع فيها كيس الأسمنت حالياً بأقل من عشرة ريالات فقط مع الأخذ بفروقات أسعار الصرف.

بقي أن أشير إلى أن بعض مسؤولي مصانع الأسمنت يحملون حكومة هذا البلد المعطاء ومواطنيه جميلاً يتمثل في أنهم لم يغيروا سعر البيع الرسمي البالغ 13 ريالا منذ أكثر من 30 عاما وهذا صحيح، لكن المضحك أنهم نسوا (أو ربما تناسوا) أنهم حصلوا على حقوق الامتياز بأسعار شبه مجانية ولفترات زمنية طويلة جداً وأنهم حصلوا على إعفاءات جمركية لمعدات مصانعهم وأنهم حصلوا على الطاقة بأسعار أقل من التكلفة (وهو ما استنزف الطاقة المستهلكة داخلياً) وأنهم يوظفون العمالة الأجنبية الرخيصة وأن الحكومة تسمح لهم نظاماً بتحقيق صافي ربح 50 في المائة على المبيعات والأهم أنهم يلوثون البيئة دون حسيب أو رقيب، فمن يتجمل على الآخر؟