التقدم إلى الخلف!

04/01/2012 11
محمد العمران

منذ عام 2005، قامت هيئة السوق المالية مشكورة بمجهودات جبارة تهدف إلى تطوير السوق المالية تمثلت هذه المجهودات في سن اللوائح التنفيذية المكملة لنظام السوق المالية وإعادة تنظيم السوق رأساً على عقب من جوانب عديدة (منها: تنظيم شركات الاستثمار وتنظيم شركة تداول وغربلة قطاعات السوق وإعادة طريقة احتساب المؤشر وتأسيس صناديق المؤشرات وتطوير الأنظمة التقنية وتحرير السوق أمام الأجانب وتأسيس سوق لأدوات الدخل الثابت وغيرها كثير). أما أهم هذه المجهودات فهو لأول مرة تطبيق رقابة صارمة وصلت إلى حد إيقاع العقوبات على كل من يخالف النظام ولوائحه من شركات أو أفراد.

نتيجة لهذه المجهودات الرائعة بلغت السوق المالية السعودية خلال فترة زمنية قصيرة مرحلة مرموقة من التطور بين قريناتها من الأسواق الإقليمية وهو بلا شك مصدر فخر لنا جميعاً، إلا أننا في الآونة الأخيرة بدأنا نلحظ وجود ضعف واضح في تطبيق النظام ولوائحه كانت نتيجته مع الأسف الشديد عودة قوية لكل من المضاربات العشوائية وتكتلات الجروبات والشائعات المضحكة أدت إلى تركز غالبية السيولة في شركات صغيرة أو متعثرة حققت أسعار أسهمها في العام الماضي ارتفاعات خيالية لم يحلم بها أحد دون أي أخبار ملموسة أو عوامل منطقية تبرر هذه الارتفاعات.

هذا يعني أنه رسمياً تم هدم كل ما تم بناؤه طوال السنوات الماضية مع تقدم السوق المالية السعودية إلى الخلف ولا أبالغ في القول إننا الآن عدنا لما كنا عليه قبل عام 2006، وما يؤكد ذلك غياب مفهوم الاستثمار الحقيقي وتجاهل أوامر الشراء للشركات الواعدة التي تتمتع بأخبار إيجابية ومحفزات مهمة، وهذا بدوره يدل على ضعف الثقة تجاه السوق على المدى الطويل في ظل رغبة غالبية المتداولين بالمضاربة على المدى القصير فقط واستغلال الوضع الحالي المتمثل في ضعف الرقابة وغياب العقوبات من خلال تحقيق أكبر مكاسب ممكنة، وعن أي مكاسب نحن نتحدث وأسعار أسهم بعض شركات المضاربة ارتفعت بأكثر من الضعف خلال شهور وربما أسابيع!!

في رأيي، أعتقد أن الشرارة الحقيقية لوتيرة المضاربات العنيفة بدأت مع موافقة هيئة السوق المالية على توصية شركة الأسماك برفع رأسمالها قبل عدة شهور ثم أعقبتها موافقة الهيئة على توصية عدة شركات صغيرة ومتعثرة برفع رؤوس أموالها كما لو أن مسألة رفع رأس المال أصبحت تجارة للورق يتم بها إقناع مسؤولي الهيئة رغم يقيني بأنهم عندما يوافقون يعلمون علم اليقين أن المكتوب في الورق لن يتم تنفيذ أغلبه وربما كله. وما زاد الطين بلة أن الهيئة تقف موقف المتفرج من التذبذبات الحادة لأسعار الأسهم في غياب تام لآليات الرقابة بما في ذلك آلية الاستفسار التي كنا نشاهدها سابقاً أو التعليق المؤقت للأسهم حتى انتهاء التحقيقات، إن كانت هناك تحقيقات فعلاً.