690 هو الرقم الصعب في ميزانية 2012

31/12/2011 9
صلاح الدين خاشقجي

انتهت السنة المالية للاقتصاد السعودي بأرقام مشجعة بدخل يتجاوز تريليون ريال وناتج محلي إجمالي يتجاوز تريليوني ريال وفائض يفوق 300 مليار ريال. بالإضافة إلى ذلك انخفضت نسبة الدين العام للناتج المحلي إلى 6.3% ونما القطاع الخاص بنسبة 8.3% ووصل إجمالي نصيب الصناعات التحويلية غير النفطية إلى 15%. كل هذه الأرقام تدل على أن الاقتصاد السعودي يبنى على قاعدة صلبة وسليمة، على الرغم من التجاوزات المتعلقة بالميزانية في الزيادة في الإنفاق الحكومي. وحتى يتمكن الاقتصاد السعودي من الحفاظ على هذا الزخم المشجع، ينبغي العمل بجهد لمواجهة عدد من التحديات، أهمها ضبط إيقاع الإنفاق الحكومي.

فكما أن الإيرادات جاءت أعلى بكثير من التوقعات الأولية بحكم تحفظ هذه التوقعات، إلا أن الإنفاق الحكومي هو أيضا جاء أعلى بكثير من التوقعات الأولية. فالزيادة المتمثلة في 224 مليار ريال تشكل ارتفاعا في النفقات الحكومية بنسبة تصل إلى 39%. معظم هذه الزيادة كانت نتيجة الأوامر الملكية بصرف راتبين ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 3000 ألاف ريال ورفع رؤوس أموال كل من صندوق التنمية العقارية والبنك السعودي للتسليف بالإضافة إلى تكاليف توسعة الحرمين الشريفين. يمكن القول أن معظم هذه الزيادات ليست متكررة، ولكن ميزانيات الأعوام الخمسة السابقة تشير إلى وجود اتجاه قوي لزيادة المصروفات عن التوقعات الأولية. والمشكلة الأساسية تكمن في أن نزعة هذا الاتجاه تصاعدية، بحيث وصلت إلى أقصى نسبة زيادة في العام 2011.

وبذلك يكون الرقم 690 مليار ريال هو الرقم الصعب في ميزانية العام 2012. فمن الضروري كسر هذا الاتجاه التصاعدي للنفقات الحكومية الإضافية. فهي كما أنها تشكل عبئا على الميزانية من جهة، فإن معظمها يأخذ شكل النفقات الجارية التي تمول الأجور والرواتب وعقود الصيانة. وبذلك تنخفض حصة الإنفاق الرأسمالي من إجمالي الإنفاق الحكومي. بالإضافة إلى ذلك، فمن الضروري رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي ليصبح أكثر فاعلية وإنتاجية، حتى لا تتراكم المشاريع وتلامس أرقام الميزانيات المواطنين بشكل مباشر.

وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف لمح في تعليقه على الميزانية إلى مدى قدرة استيعاب الاقتصاد للإنفاق الحكومي. فزيادة النفقات الحكومية الجارية بشكل مطرد يؤثر بشكل مباشر على التضخم، وبالتالي القوة الشرائية لدخل المواطن. ولذلك فإن الحفاظ على النفقات الحكومية قدر الإمكان حول الرقم 690 مليار ريال يعد من أهم التحديات في العام المقبل. المهمة صعبة، ولكنها ليست مستحيلة. فبحسب تقديرات التضخم للعامين المنصرمين، والنفقات الفعلية للعام 2010، فإن 690 مليار ريال كمصروفات للعام 2012 تبدو منطقية.