بعد بيان الميزانية، اكتملت النظرة الكلية لأداء الاقتصاد الوطني في عام 2011، حيث إن بيانات ووضع المالية العامة – الذي كان متوقعاً – جاء ليدعم النمو الاقتصادي الكلي في القطاع الحقيقي والذي يقدر بالقيم الحقيقية بنحو 6.8 في المائة بينما سجل نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لنفس العام نحو 28 في المائة ليصل إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لنحو 2,163 مليار ريال.
إجمالي الإيرادات الفعلية: 2000 - 2011
أما القطاع الخارجي، فهو الآخر سجل وضعاً ممتازًا متمثلاً بفائض الحساب الجاري الذي بلغ في نفس العام نحو 598 مليار ريال بزيادة بلغت 139 في المائة عن العام السابق حيث بلغ إجمالي الصادرات نحو 1,287 مليار ريال بارتفاع بلغ 37 في المائة مقارنة بعام 2010.
وقد شكلت الصادرات غير البترولية نحو 12 في المائة من إجمالي الصادرات، حيث بلغت 153 مليار ريال بارتفاع بنحو 14 في المائة عن العام السابق.
أما القطاع النقدي فقد شهد في العموم خلال العام سياسة نقدية مواكبة للتحركات الاقتصادية الكلية وبالتركيز على مستوى التضخم الذي يقدر على أساس سنوي بنحو 4.7 في المائة بنهاية عام 2011. أما الدين العام فقد انخفض بنحو 31.5 مليار ريال، أي من 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2010 إلى نحو 6.3 في المائة عام 2011.
إجمالي المصروفات الفعلية: 2000 - 2011
مخصصات ميزانية 2012
ميزانية 2011
بلغ إجمالي الإيرادات الفعلية لعام 2011 نحو 1,110 مليار ريال متجاوزة الإيرادات القياسية التي تحققت عام 2008 وبارتفاع بلغ نحو 51 في المائة مقارنة بالإيرادات الفعلية في عام 2010. وفي الجانب الآخر، سجلت المصروفات الفعلية للعام المنصرم 2011 رقماً قياسياً هو الأعلى أيضاً في تاريخ المملكة حيث بلغ إجمالي المصروفات نحو 804 مليارات ريال بارتفاع عن المصروفات الفعلية عام 2010 بنحو 28 في المائة.
إذن، فعام 2011 هو عام استثنائي من حيث الإيرادات والمصروفات القياسية التي طالت عدة جوانب اجتماعية ومعيشية وصحية وتعليمية بجانب التصدي لمشكلة الإسكان من خلال تخصيص 250 مليار ريال من فائض الميزانية لإنشاء نحو 500 ألف وحدة سكنية.
وقد شكلت الإيرادات النفطية أعلى نسبة مساهمة في إجمالي الإيرادات تاريخياً حيث بلغت نحو 93 في المائة مقارنة بمتوسط نسبة مشاركة للإيرادات النفطية بلغت نحو 85 في المائة في السنوات العشر السابقة.
وفي الوقت ذاته، كانت الإيرادات والمصروفات الفعلية بعيدة عن تقديرات الموازنة حيث ارتفعت الإيرادات على التقديرات بنحو 106 في المائة وزادت المصروفات الفعلية على التقديرات أيضاً بنحو 39 في المائة.
ويعزى هذا التفاوت بين تقديرات الميزانية والنتائج الفعلية إلى تحفظ تقديرات الإيرادات بالنسبة للعوائد النفطية وبروز أوجه إنفاق خلال العام الماضي تركزت على الجوانب الاجتماعية والمعيشية وتنمية الموارد البشرية.
تقديرات الميزانية: 2008 - 2012
تقديرات ميزانية 2012
مقارنة بتقديرات 2011 التي توقعت عجزاً بنهاية العام الحالي يقدر بنحو 40 مليار ريال، تشير تقديرات ميزانية 2012 إلى فائض يقدر بنحو 12 مليار ريال نتيجة لإجمالي إيرادات مقدرة بنحو 702 مليار ريال وإجمالي مصروفات مقدرة بنحو 690 مليار ريال، أي أن تقديرات إيرادات عام 2012 تزيد على تقديرات 2011 بنحو 30 في المائة وتزيد تقديرات المصروفات على تقديرات عام 2011 بنحو 19 في المائة.
وكما كان متوقعاً، استحوذ قطاع التعليم والتعليم العالي والتدريب مراحله على نصيب الأسد من المخصصات بنحو 168.6 مليار ريال بارتفاع بنحو 12 في المائة عن مخصصات عام 2011 وبما يشكل نحو 24 في المائة من إجمالي مخصصات الميزانية. أما مخصصات الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية فقد تم رفعها في الميزانية التقديرية لعام 2012 بأكثر من الربع مقارنة بمخصصات عام 2011 لتصل إلى 86.5 مليار ريال أو ما يشكل نحو 13 في المائة من الميزانية.
أما مخصصات الخدمات البلدية فقد ارتفعت إلى 29.2 مليار ريال أي بنسبة 19 في المائة مقارنة بالعام السابق بينما ارتفعت مخصصات قطاع النقل والاتصالات بنحو 40 في المائة لتصل إلى 35.2 مليار ريال. وبلغ المخصص لقطاعات المياه والصناعة والزراعة والتجهيزات الأساسية وبعض القطاعات الاقتصادية الأخرى نحو 57.5 مليار ريال، أي بزيادة نسبتها 13 في المائة عن تقديرات ومخصصات عام 2011.
وعليه، فإن ارتفاع حجم الإنفاق المقدر بنحو 19 في المائة عن تقديرات 2011 يشير إلى سياسة مالية توسعية لها أولويات تشمل التعليم والصحة والجوانب الاجتماعية.
وبناء على الفوائض التي تراكمت في الأعوام القليلة الماضية، فإن السياسة المالية تتمتع بحيز مالي واسع Fiscal Space يمكنها من التصرف بمرونة من ناحية أوجه الإنفاق ومن ناحية التوقيت أيضاً خصوصاً مع استقرار المؤشرات الاقتصادية الكلية الأخرى وبالذات مستوى التضخم الذي يجب مراقبته عن قرب خلال العام القادم 2012 إذا ما استمرت بعض الاختناقات في ظل سياسة مالية توسعية.
ومن النقاط التي يتوجب التركيز عليها في الفترة المقبلة تنويع مصادر الدخل للملية العامة، خصوصاً أن هيمنة الإيرادات النفطية تجعل المالية العامة عرضة لأي هزة عالمية تطال أسعار النفط مما يرفع من حالة التذبذب وعد اليقين في تقديرات الميزانية كما هو واضح من التفاوت الكبير كل عام بين التقديرات والنتائج الفعلية.
أما مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2011 فقد بلغت نحو 48.8 في المائة ومن المستبعد أن ترتفع هذه المساهمة خلال العام القادم 2012 نظراً لتوقع حدوث نوع من التزاحم الإنفاقي ناتج من إنفاق القطاع العام.