في السنوات الأخيرة، واجهت المصارف التجارية في المملكة تحديات كبيرة بدأت بتكوين المخصصات الاستثمارية في نهاية 2008 ، مروراً بتكوين المخصصات الائتمانية ومحاولات زيادة نمو الودائع ومحاولات زيادة نمو الإقراض والسعي لترشيد المصروفات منذ 2009 وحتى الآن، حيث دفعت المصارف في المملكة ثمناً غالياً جداً (كمثال، بلغت المخصصات الائتمانية نحو 18.7 مليار ريال فقط حتى الآن) بسبب الثغرات التي كشفتها لنا الأزمة المالية العالمية في أنظمة إدارة المخاطر لدى المصارف السعودية!!
ويبقى السؤال مطروحاً: هل انتهت التحديات التي تواجه المصارف في المملكة عند هذا الحد أم ما زالت هناك بقية؟
الإجابة عن هذا السؤال بالتأكيد "لا"، فالتقرير الأخير لوكالة ستاندرد وبورز أشاد بمعدلات كفاية رأس المال لدى المصارف في دول مجلس التعاون الخليجي (بما فيها المصارف السعودية) استنادا إلى معايير "بازل-3"، لكنه في الوقت ذاته توقع أن تنخفض قدرة المصارف على التمويل طويل الأجل، الذي يشمل تمويل المشاريع الكبرى والتمويل العقاري بسبب المعايير الصارمة للسيولة، التي تستوجب وجود توازن زمني في هيكلة الأصول والخصوم في ظل اعتماد المصارف بشكل كبير على ودائع العملاء ذات الطبيعة القصيرة الأجل، وهو بالتأكيد تحد مهم سيجبرها إما على توجيه القروض الجديدة لفترات زمنية قصيرة وإما على إصدار صكوك أو سندات جديدة.
أيضاً ونتيجة طبيعية لهبوط أسعار السندات السيادية في أوروبا وهبوط أسعار بعض السندات التجارية العالمية أخيرا، فأرى أن المصارف السعودية قد تضطر مجدداً لتكوين مخصصات استثمارية للاعتراف بخسائرها من إعادة تقييم هذه السندات وإن كانت بأرقام متواضعة بسبب صغر حجم التعرض والسياسة المتحفظة التي تتبعها المصارف عموماً. إلا أننا عندما ندقق في حجم استثمارات المصارف في السندات الذي يبلغ حالياً مئات المليارات من الريالات، فإن المخصصات الاستثمارية إن عادت فتشكل ضغطاً على معدلات نمو الأرباح وقد نشهد سيناريوهات سيئة في حال تعرض الاقتصاد العالمي مستقبلاً لهزة جديدة ـــ لا قدر الله ـــ لكن لن يصل الأمر لمستوى تحقيق خسائر على أي حال.
أما التحدي الأبرز في رأيي الشخصي فيتمثل في قدرة المصارف مستقبلاً على توليد الإيرادات وبشكل مطرد من الرسوم على الخدمات وفروق العملة في حال عدم قدرتها على زيادة الإيرادات من العمولات الخاصة وإجراء مزيد من التخفيضات في المصروفات. بمعنى أصح لنتساءل: كيف ستتمكن المصارف من تحقيق نمو مستقبلي للأرباح في حال ثبات إيراداتها من العمولات الخاصة وعجزها عن تخفيض النفقات؟ وإلى أي مدى ستتمكن مستقبلاً من زيادة الإيرادات بواسطة فرض مزيد من الرسوم وهوامش أعلى من فروق العملة؟ وهل هذا هو الأسلوب الأمثل في تصحيح الأخطاء الإدارية التي كلفت المصارف مليارات الريالات على مدى السنوات الثلاث الأخيرة؟
أخي الكريم محمد العمران شكراً على هذا المقال الرائع وعلى هذه الرؤية النيرة .... في الحقيقة نعم اتفق معك أن هناك تحديات قد تواجه البنوك في ظل تزايد نسب الودائع قصيرة الأجل مع ثبات أو تراجع نسب الودائع طويلة الآجل وقبل فترة نقلت وكالة رويترز عن رئيس مجلس إدارة أحد البنوك السعودية المدرجة بالسوق المالية السعودية قوله " إن الجهات الحكومية السعودية يتعين عليها تعزيز عملية الإقراض عن طريق وضع ودائع طويلة الأجل في بنوك البلاد لأن معظم الطلبات على القروض طويلة الأجل بينما معظم الودائع لدى البنوك هي ودائع ذات آجال قصيرة." .... وهذا يعني أن البنوك تستجدي الحكومة السعودية لتضخ بها ودائع طويلة الأجل تمكنها من موازنة وضبط عملياتها التشغيلية التي أخفقت القطط السمينة بتلك البنوك عن تحقيقها !!! وهذا يكشف لنا بعض النقاط الجوهرية التي أخفقت ومازالت تخفق بها ( مافيا البنوك السعودية ) .... !!!! وليعذرني الجميع عن استخدام هذا المصطلح .... لكن مع الآسف هذا الواقع .... فعندما ندقق بالقوائم المالية للبنوك المدرجة في السوق المالية وتحديداً البنوك التجارية نجد أن هناك الكثير من المفارقات العجيبة التي تمكن من تقييم مدى كفأه إدارة تلك البنوك في تقييمها لمخاطر الاستثمار ومخاطر التدفقات النقدية ومع ذلك نجد أن هناك مؤشرات تؤرق على الرغم من صرامة وحزم مؤسسة النقد العربي السعودي في ضبط النظام المصرفي السعودي .... إلا أن ذلك وعلى الرغم من أنه يعطينا ثقة متزايدة إلا أن وضع موديز للبنك السعودي البريطاني قبل أيام تحت المراجعة تمهيدا لخفض تصنيفه يجعل هذا محل تأكيد على السلبية الحاصلة في البنوك في إدارة المخاطر بوجه عام .... وهنا أود أن أضيف أنه وفقاً للخبر عن مودز " وقالت الوكالة أن تخفيض التصنيف المحتمل يأتي لمساواته بتصنيف نظرائه في السعودية حيث أن الأساسيات المالية للبنك لم تعد تبرر تصنيفا أعلى من نظرائه وأضافت أن أداء البنك خلال العامين الماضيين وجودة أصوله وملاءته الرأسمالية كانت أقل من مستوى التصنيف الحالي " ففي الحقيقة المتتبع لعمليات البنك التشغيلية خلال الأربع سنوات الماضية يجد أن البنك يعد من أسوء ثلاثة بنوك في الأداء التشغيلي وإدارة المخاطر المالية ومخاطر التدفقات النقدية بين البنوك السعودية المدرجة وفقاً لبعض التحليلات كما أنه ليس أفضل من نظرائه كما قالت مودي ويمكن الرجوع للموضوع على الرابط لمعرفة هل هو أفضل أم لا ... http://alphabeta.argaam.com/?p=36193 ..... وهذا يؤكد نظرتك أخي الكريم على أن هناك أزمة تلوح في الأفق ستواجهها البنوك عند رغبتها في تدبير أموال طويلة الآجل تحقق لها التوازن في الإقراض طويل الآجل .... وهنا أتسأل ... من التالي يا مودز ... !!!! ومرة أخرى شكراً على هذا المقال الرائع
الاخ الفاضل الاستاذ / محمد العمران اشكر لسعادتكم لفت الانتباه على هذا المقال والذى يشير الى احتمال بوادر ازمة والذى يعضد ذلك ايضا تقرير موديز الذى وضع بنك ساب تحت الملاحظة لاحتمال ( او تمهيدا ) لخفض تصنيفه ...!! والشكر موصول لاخى الكريم / سلمان الهواوى على تعليقه المفيد ..!! وهذا ان دل على شىء فانما يدل على كتابنا ورجال المال والاقتصاد هم اول من يستشعر الخطر وينبهوا اليه والى كيفية تداركه وتخفيض مخاطره ...!! نسأل الله السلامة والعافية ... وتقبلوا خالص تحياتى . د . جمال شحات
بالتأكيد هناك ازمه كبيره زأجد ان الكاتب قداشار لها بمنتهى الاحترافيه عندما ذكر مخصصات ال 18 مليار واخيرا الاخطاء الاداريه وهنا لب المشكله ...
المخصصات تحملها المساهم وسوق السهم وعميل البنك الصغير بسبب طمع وجشع التجار الذين خسروا وبمعاونة من موظفي البوك الكبار الين اوصو بهذه القروض ولو كانوا شجعانا لقالوا لنا من تعثر وبكم وفي اي المشاريع !! لكن هؤلاء لا يشبعون وان خسروا سكتوا وان ربحوا اكلوا
شكرا للأستاذ محمد العمران ولكل من شارك وأضاف في المقال، الأخوة الكرام أخالفكم في هذا الرأي البنوك السعودية بخير بغض النظر عن التقييمات الإئتمانية والحسابات، وأستند في هذا الرأي إلى عاملين: الأول: الحكومة تدعم البنوك وتكتتب (عن طريق صناديقها) في زيادة رؤوس أموال البنوك عند تعرضها لإخفاق شديد كما حصل لبنك الرياض. أو تسمح لها بإصدار صكوك كما حصل لبنك الجزيرة. الثاني: أن من يتحكم في البنوك هم من يتحكم في كامل السوق. وكبار المسؤلين في البنوك يملكون وكالات السيارات وشركات التأمين والإسمنت والبتروكيماويات. الثالث: التصنيفات الإئتمانية عارية عن المصداقية. مازال التقييم الائتماني للمملكة أقل بكثير من دول أوربية مفلسة رقم دين 7% فقط واحتياط نقدي كافي لأربع سنوات (مع افتراض توقف الإيرادات) والحمد لله.
في رأيي المتواضع ؛ قد تكون بعض الحلول في الصيرفة الإسلامية في عقود المشاركة والدخول في شراكات استراتيجية لقطاعات محلية متوقع لها النمو في الفترة القادمة. كما أرى فلقد فقد المستثمر السعودي الشهية في الدخول في الصناديق المطروحة من قبل البنوك لضعف أدائها؛ وهذه الصناديق كانت احدى مصادر الدخل للبنوك.
وماذا يعني انخفاض الربحية للبنك فلو فرضنا أن البنك يربح 12% فلا يضره أن يربح 10% مثلاً !! المهم أن القاعدة التي يتكئ عليها صلبة ومادام النفط يجري بسلاسة فلن يضر البنوك شيئاً حتى لو انخفضت فيها نسبة الربحية لفترة معينة ..
اخى الفاضل / المعتصم بالله ليس شرطا ان تكون بوادر الازمة او تقديرنا للمخاطر او التحديات ( كما ذكر الاستاذ / محمد العمران )ناتجا عن انخفاض فى الاداء لمصارفنا وبنوكنا او مؤسساتنا المالية بل من الممكن ان يحدث هذا نتيجة عوامل اخرى لا تتعلق بادائنا او باقتصاداتنا وقد ذكرت شيئا من هذا فى مقالى السابق (تداعيات أزمة التصنيف الائتماني على اقتصاداتنا…!!!) ودار مثل هذا النقاش بينى وبعض الاخوة الذين اثاروا مسألة تعليق محافظ مؤسسة النقد بانه لاخوف على اقتصاداتنا نتيجة تخفيض التصنيف الائتمانى لبعض دول اليورو والولايات المتحدة ..!! ومن ناحية أخرى نحن لانرى وجوب حدوث ذلك بل نقول احتمال حدوث ذلك . وماهى الحلول والضوابط والبدائل والاجراءات لحماية مصارفنا من اجل تخفيض تأثير وتداعيات ذلك فى حال حدوثه ..؟!! مع خالص شكرى وتقديرى للكاتب المبدع وللاخوة المعلقين الواعدين ولشخصك الكريم . د . جمال شحات
البنوك لدينا مشكوك في كثير من مصداقيه ارقامها و خاصه بعض البنوك الصغيرة و كما ذكر احد الاخوة اعلاه لا يوجد شفافيه بحجم المديونيات المتعثرة و لا من هم المتعثرون ..... لان الموضوع يجر الكثير من التسأولات و الاسماء ... و لكم عبرة لما حدث لمعن**** و القصي*** البنوك لديها ازمه و الا لما قامت بعض البنوك و على استحياء بزيادات ضخمه للمخصصات المصالح ( و ان شئتم الفساد) منتشر وله الف و الف و الف طريق و اسلوب و مبداء تنفيع الاحبه و الاصدقاء و شله الانس موجودة و لا انسى ان وجود عنصر الاجانب له دور كذلك في بعض البنوك خاصه لحرصهم على ارضاء مدرائهم .... اما مؤسسة النقد فالحديث عنها يعتبر من الخطايا التي لا تغتفر... بازل 3 ان طبق بطريقه صحيحه سيجعل البنوك تبكي من الالام و الاوجاع و لعدم القدرة على تحقيق متطلباته و ارجع الى امر مهم ان استحلال الربا(بانواعه و باختلاف اسمائه ) من اهم الاسباب التي ادت لوجود مثل هذة المخاطر
تحية للكاتب ول المشاركين جميعا من تعاملي مع البنوك اجد مشكلة لدى لجان الاقتراض فهم يسعون وراء الاسماء قبل تقييم كفاءة المنشاءة المراد تمويلها وكذلك نلاحظ تطلع البنوك الزائد للتعامل بقروض كبيرة مع اطراف تجارية كبيرة وبهذا يحققون اكبر نسبة تشغيل لحجم محفظة الاقراض بأقل جهد من التقييم الائتماني. . فهذة اللجان اخطاءت كثيرا في تقيماتها لكبار المقترضين المتعثرين الذين حصلو على تمويل بأحسن الاسعار واحسن الشروط. وعند التعثر يحصلون على الكثير التساهل ليحسنو اوضاعهم. كل هذا ولم يعفى احد من منصبة في لجان الاقراض . وهذا ليست مشكلة ادارة البنوك بقدر ماهي مشكلة مجالس الادارات ومؤسسة النقد .
من الحلول أن تستثمر البنوك استثمار مباشر في السوق السعودي(5% وأكثر) وغيره في شركات ذات نمو وتوسع مستمر ومرتبط بنمو السكان الهائل والله أعلم.
شكرا يا محمد النصار نقطتك وجيهة.