فجأة، ونتيجة للربيع العربي، سنجد شريحة كبيرة من المسؤولين عن إدارة الكثير من دول الشرق الأوسط، هم ممن قضوا سنوات طويلة في السجون، والمنافي، بسبب اتهامهم من قبل الأنظمة السابقة، بأنهم إرهابيون، وقد نجحت تلك الأنظمة، ولعقود، في إقناع الغرب بتلك الفزاعة.
اليوم شاهدنا نجاح الإسلام السياسي في انتخابات تونس (حزب النهضة)، والمغرب (حزب العدالة والتنمية)، ويتوقع تكرار تلك النتيجة في مصر، وليبيا. ومن ثم لم تترك السيدة هيلاري كلينتون، مؤخراً، مناسبة إلا وبينت فيها عدم قلقها من صعود الإسلاميين! وسبحان مغيّر الأحوال!
ماذا يعني فوز الإسلاميين من ناحية اقتصادية لتلك البلدان؟
1 – يفترض، وأؤكد على كلمة (يفترض) أن أي إدارة متدينة تديناً صحيحاً، وتملك رؤية اقتصادية واضحة، أن يتحقق على يدها حماية الحقوق، والمال العام، وهو ما سيفضي إلى تنمية حقيقية، بخلاف ما كان عليه الوضع قبل ذلك.
2 - بالنسبة للدول التي لم تمارس المصرفية الإسلامية من قبل، فستكون هناك رغبة عاطفية بالتحول إليها، وقد عبر عن ذلك رئيس المجلس الانتقالي الليبي، ولكن ما لا يعرفه أولئك الاقتصاديون الجدد، أنه توجد نماذج مختلفة لتلك المصرفية، فهناك النموذج الماليزي، والنموذج الخليجي، وحتى النموذج الغربي، وكل منها يحاول تطبيق ما هو منسجم مع أحكام الشريعة، ولكن سيتضرر اقتصاد أي من تلك الدول، لو تم إلغاء المصرفية التجارية لصالح المصرفية الإسلامية فقط، لأنها ما زالت تجربة غير مكتملة.
3 – هناك دول لا تمتلك موارد اقتصادية مثل النفط، وتعتمد على مورد السياحة بشكل كبير (مصر، تونس، المغرب)، وقد حاول الأب الروحي لحزب النهضة التونسي راشد الغنوشي، طمأنة مواطنيه، بأنهم لن يضعوا قيوداً على هذا المورد الاقتصادي، ولكن لابد أن يكون هناك توجس وخوف في تلك الدول، لأنه يوجد ضمن التيار الإسلامي تطرف، واعتدال، ولو قيّدت السياحة في تلك الدول، ولو جزئياً، فستزيد حالتها الاقتصادية سوءاً، بسبب زيادة البطالة، وهي عالية اليوم.
4 – أيضاً وفي سياق التوجس مما يمكن أن يعمله الإسلاميون، عند توليهم الإدارة، هو ما يمكن أن يقوموا به جذرياً لتغيير اللعبة الديمقراطية، ومن ثم تغيير الدساتير القائمة، وهو ما سيعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه في ظل الأنظمة الدكتاتورية، ولكن بقناع إسلامي.
وقد يقول قائل إن ذلك التوجس مبالغ فيه، وأن الأفضل هو إعطاء الإسلاميين الفرصة الكافية، ولكنني أذكّر فقط بأن رأس المال جبان، وسيهرب عند أي إشارة، أو تصريح سلبي، وما أكثر المصرّحين هذه الأيام.
5 - أخيراً يتحدث بعض المحللين عن استحضار النموذج الإسلامي التركي المعتدل، للدول العربية، ولكن من يقول ذلك يتجاهل أن التجربة التركية مع الاعتدال، والديمقراطية، والعلمانية، هي تجربة عمرها يتجاوز ثمانية عقود من الزمن، في حين أن دول الربيع العربي خرجت حديثاً، أو لم تخرج بعد من طوق الأنظمة الدكتاتورية.
العدل و اشورى
الرد على كاتب المقال و ليس الاخ ماركت ان صدقت الاحزاب الاسلاميه و التي وصلت للسلطه لن تحتاج للسياحه كمصدر دخل ، بل يكفيهم النيل في مصر و النفط في ليبيا .... بس الخوف من اللي بالي بالك لا تخرب عليهم
انا برايي ستفشل كل بلدان الربيع العربي, الخروج على الحاكم امر ليس بالهين
الأمر والأدهى إن الطائشين في مصر يريدون تكبيل المجلس العسكري وتعطيله غير مدركين إن قيامهم بذلك سيجعل الإسلامين يلعبون في مصر كيفما يشاؤون... التخلص من القيادات الدكتاتورية قد يبدو سهلاً ولكن كيف سيتخلصون من الإسلاميين عندما تصبح مصر مثل غزة وتعود تونس عدة قرون إلى الوراء؟ العاطفة والتعاطف مع الإسلاميين شيء والسياسة والاقتصاد والتنمية والتطور والعلم شيء آخر تماماً.
عزيزي شارب شووتر , هل الشعوب العربية تريد المال او هل هي تريد مرضية الله؟ عاجلا ام اجلا سيقضى على المنافقين و النصارى و لن تعلو لهم كلمة في ارض العربان. القرار كله سينحصر في اناس اخيار يخافون ربهم.
sharpshooter... الله يهديك تقول ان حكم الاسلام يعيدنا إلى الوراء... ومتى تقدمنا من الاساس مع حكم العلمانين والدكتاتوريين والفراعين طوال حياتنا.... على الاقل الاسلاميين مهما فعلوا بنا لم نرى اكثر مما رأينا،،، على الاقل هم يخافون الله.
أخوي stophunter و RED ROSE هذي مشكلتنا تماماً، الخلط بين العاطفة وحبنا لديننا وبين مفاهيم علمية وتجارب سياسية واقتصادية امتدت لعدة قرون، لنقحم الإسلام بها ونطالب بسياسة إسلامية واقتصاد إسلامي وحتى علوم إسلامية! المشكلة الثانية إننا شعوب عاطفية لدرجة أن أي حزب إسلامي يحضى مباشرة بدعمنا وتأييدنا بغض النظر عن فحوى برنامجه الانتخابي ومقدرته على إدارة شئون البلاد...نتيجة الإنتخابات العربية الأخيرة غير مفاجأة أبداً، وفي أي وقت يكون هناك حزبين مطروحين للاستفتاء العام في الدول العربية، اعلم تماماً إن الحزب الإسلامي هو الفائز (حتى الانتخابات البلدية في المملكة فاز بها أعضاء إسلاميين). هذي مشكلة لأن بها خلط كبير بين الأجدر والأفضل من ناحية عملية وبين الشخص الذي يرفع شعار الإسلام (صادقاً أو كاذباً) لعلمه بعواطف الشعوب.
لا تنسى ان معظم التيارات الاسلاميه بالبلدان العربيه معجبه الى حد كبير بالتجربه التركيه,, ويبقى سؤال هل ستعطي الاحزاب التي لم تفز الفرصه للاحزاب الاسلاميه لتطبيق برنامجهم السياسي والاقتصادي, ام ستناكفهم ؟؟؟
هناك فرص ذهبية للبنوكنا الوطنية في التوسع في هذه الدول خاصة بنك الراجحي
شكرا على هذا المقال، المقال مختصر يطرح الكثير من الفرضيات الاقتصادية الواقعية. ربما من باب "اعرف الشر مخافة الوقوع فيه". لا شك أن الفرق بين النظرية "الشعارات" والتطبيق "التنمية الاقتصادية" فرق كبير. ولا شك أن النهوض الاقتصادي يحتاج الى رؤية وخطط واضحة وزمن..والاهم الاستقرار السياسي لنجاح أي جهد اقتصادي. تفائل..لا نملك الا التفاؤل لتجربة جديدة
اتضايق من مصطلح الاسلاميين عندما ينطق به شخص مسلم ،، وكأنه يتبرأ من هؤلاء الأشخاص لأنه رفعوا رأية الإسلام في طريقهم السياسي!!! عموما لا يمكن الحكم على التجربة إلا بعد الخوض فيها وأما المخاوف التي تراود البعض من لبراليين وعلمانيين وماركسيين ولا دينيين وغيرهم مخاوف مقبوله لأنهم سيسلكون طريق جديد والانسان عدو ما يجهل. الاستاذ سليمان ذكر صعوبة النجاح مثل التجربة التركية ،،، مع العلم أن تركيا كانت دولة علمانية وحتى أخر عقدين عندما تمكن اردوجان من الحكم وكذلك لا ننسى التجربة الماليزية وهي ناجحة بامتياز خلال الثلاثين سنة الماضية
اخي شارب شووتر, هل مما افهمه انك تنكر ان الاسلام هو الحل الوحيد؟ نحن قوم لا عزة لنا الا بالاسلام
المشكلة ليست في الحكام بل في الشعوب...المنافقة هي تريد اسلام (ســـــــــــــــــمح) لو طبق الشرع بدقة لثارت تلك الشعوب و اولهم من انتخبوا الاسلاميين...لان الناس تريد ان تصلي خلف علي وتأكل على مائدة معاوية كما يقول المثل.
" لو تم إلغاء المصرفية التجارية لصالح المصرفية الإسلامية فقط، لأنها ما زالت تجربة غير مكتملة" للاسف شوه المصرفية الإسلامية اتخاذ الاسلام دعاية ووجود عقليات ضحلة لم تفهم الاسلام كنظام منفتح. الآن نقتبس مصرفية الغرب الفاشلة التي عمرها أقل من مائة سنة ونراها مثالية ونتناسى أن الله قبل ألف وأربعمائة سنة علم الأميين قسمة الكسور والمصفوفات وعمليات حسابية معقدة. نسينا أن المسلمين ألفوا كتب في المالية في عصر الظلمات عندهم. الآن صاروا مرجع للمسلمين في المالية.
قال القاضي أبو الحسن الجرجاني ولو أن أهل العلم صانوه صانهم -- ولو عظموه في النفوس لعُظِّمَ ولكن أهانوه فهانوا ودنسوا -- محياه بالأطماع حتى تَجَهَّمَ أطول آية في القرآن الكريم عن المال. أقدم كتاب متخصص في الأموال كتاب الخراج للإمام أبي يوسف تلميذ الإمام أبي حنيفة ألف قبل ١٢٠٠ سنة قبل أن تكتشف أمريكا وتضاف للخارطة. ولازالت الشريعة تتسع لتغيرات العصر. لكنها لا تتحمل آلة ابتزاز لاكل أموال الناس بالباطل تحت عمامة المصرفية الاسلامية.
ما يدور من تحولات سياسية كبيرة فى المنطقة العربية يؤسس لمرحلة جديدة من النمو والتطور والازدهار بعد حقب من الحكم الشمولى الذى فشل على مدى تلك المدة الطويلة فى تأسيس كيانات تلبى جزء من رغبات شعوبها المهمشة ،، ما حدث أمر طبيعى تأخر كثيراً بفعل عوامل داخلية وخارجية لم تر الوقت المناسب لدعم أى تحرك شعبى يهدف الى التغييروتقديم البديل المقبول ،، حصول تلك الثورات وبهذا الزخم ينبىء عن نضوج سياسى واضح ودراماتيكى فى أفكار ورؤى تلك المجتمعات التى استفادت من التقنية الحديثة لتمرير مشروعها الثورى ، كوضع طبيعى لتطور المجتمعات الانسانية عند توفر مقوماتها وهو الحرية النسبية فتلك المجتمعات موعودة بنمو متسارع وتطور حضارى على كافة الأصعدة بعد فترة استعداد وترتيب للبيت يتخلله تخلخلات ما تلبث أن تختفى ليسود منطق الأغلبية الساحقة الممثلة للشعب بالأحزاب الاسلامية المعتدلة والمتنورة والمرحب بها من أغلبية تلك المجتمعات ،، للوصول الى فكر قادر على التعاطى مع كافة الاطياف بإريحية ومرونه وقبول لكافة التناقضات الطبيعية لاستمرار الحياة السوية التى تقبل الاختلاف المنضبط بنص القانون وأصول الشريعة .