.. وماذا بعد يا «بترو رابغ»؟

23/11/2011 14
محمد العمران

في نهاية عام 2009، أعلنت شركة بترو رابغ رسمياً اكتمال تشغيل جميع معاملها البتروكيماوية بنجاح، وأنها بدأت التشغيل التجاري الكامل للمجمع الذي يضم إلى جانب ذلك مصفاة لتكرير المشتقات النفطية، إلا أن المتابع لأداء الشركة منذ ذلك الوقت وحتى الآن سيلحظ أن الأداء المالي (من أرباح تشغيلية وصافي أرباح) لا يتناسب إطلاقاً مع توقعات وآمال المستثمرين، خصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار أن عملاقين من عمالقة الطاقة والبتروكيماويات في العالم (وأعني بهما شركتي أرامكو السعودية وسوميتومو اليابانية) هما اللتان تديران الشركة.

فعلى سبيل المثال، تشير القوائم المالية إلى أنه في عام 2010 كاملاً، حققت الشركة صافي ربح يقارب 208 ملايين ريال، بينما حققت حتى الربع الثالث من هذا العام كاملاً صافي ربح لا يتجاوز 16 مليون ريال فقط، وهذه بالتأكيد أرقام محبطة لأي مستثمر آخذين في الاعتبار أن رأس المال يبلغ نحو 8.7 مليار ريال، وأن حجم الأصول المستثمرة يبلغ ما يقرب من 49 مليار ريال. أما الأداء التشغيلي فهو لا يزال يتأرجح ما بين فترات يتم فيها تحقيق أرباح تشغيلية وفترات أخرى يتم فيها تحقيق خسائر تشغيلية!!

يعود سبب هذا الأداء الباهت - في رأيي الشخصي - إلى عاملين: الأول، يتعلق بمواصلة المنتجات المكررة (أي تكرير المشتقات النفطية) تحقيق مجمل خسارة من عملياتها، إن كان على أساس فصلي أو سنوي، وهذا بالطبع يشكل عامل ضغط قوي على النتائج الإجمالية للشركة. والثاني، يتعلق بضعف أداء العمليات البتروكيماوية (وإن كانت الصورة هنا تبدو أفضل بكثير) نتيجة للتوقف المتكرّر في إنتاج المواد البتروكيماوية لمرات عدة ولأسباب مختلفة (أعطال فنية، صيانة دورية، انقطاع مفاجئ للتيار الكهربائي، حريق.. إلخ) خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً.

كل ما سبق لا يهم، فأكثر ما يقلقني حقيقة هو أن نسبة المديونية إلى حقوق المساهمين (أو ما يُعرف بالرافعة المالية) تجاوزت الآن الثلاثة أضعاف، حيث يبلغ الآن إجمالي المديونية 25.8 مليار ريال، بينما تبلغ حقوق المساهمين 8.0 مليارات ريال، وهي بالتأكيد نسبة مرتفعة جداً حتى عندما نقارنها ببقية الشركات البتروكيماوية العاملة في المملكة. وتتعقد الأمور أكثر إذا ما علمنا أن رصيد النقدية يبلغ حالياً نحو 2.5 مليار ريال، بينما يجب على الشركة اعتباراً من هذا العام (وحتى عام 2021) بدء تسديد أولى أقساط هذه المديونية بقيمة 1.4 مليار ريال!!

ماذا يعني ذلك؟ هذا يعني أن الشركة مطالبة الآن (وأكثر من أي وقت مضى) بتحسين صافي أرباحها وتدفقاتها النقدية وبشكل كبير حتى تتمكن من تسديد التزاماتها المالية تجاه دائنيها مستقبلاً؛ واضعين في الاعتبار كبر حجم الأقساط الواجب سدادها خلال السنوات القادمة مقارنة بالأرقام الحالية لكل من رصيد النقدية وصافي الأرباح والتدفقات النقدية، وفي رأيي الخاص، سيشكل هذا الموضوع أحد أكبر التحديات التي ستواجه الشركة خلال العامين القادمين، إن لم يكن أهمها على الإطلاق، والله أعلم.